responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الشعائر الحسينية المؤلف : السند، الشيخ محمد    الجزء : 2  صفحة : 127

وكذلك في سيرة سيد الشهداء (ع) حيث يعترض البعض على تصرف مسلم بن عقيل في رفضه لقتل عبيد الله بن زياد في بيت هاني بن عروة، ولماذا لم يقاتل الحسين (ع) الحر؟ وفي الحقيقة أنه من الخطأ أن يكون التحليل لسيرتهم (ع) وفق قواعد سياسية؛ لأن سيرة المعصومين (ع) لا يمكن تحليلها وفق قواعد سياسية.

الحاكم الحضاري المتدن والحاكم السياسي

لا بد من تحليل مواقف المعصوم وفق حكومة التمدن وعلوم الحضارة، وهناك دراسات تقارن بين الحاكم المتمدن والحكومة الحضارية المتمدنة من جهة وبين الحاكم السياسي والحكومة السياسية من جهة أخرى، فالحكومة السياسية محصورة بحكم الحاكم أو ذويه إلى حد ما، فهو يدبر ويخطط ويرسم لنفسه منهجاً لكي يمنح نفسه القدرة الظاهرية، أما حكومة الحضارات وحاكمها فإنه لا يكتفي بفترة معينة بل يحكم البشرية على مدى قرون عديدة، ويُبقي حكومته حتى بعد موته.

العرف هو القانون الحقيقي

السبب في ذلك أن الذي يُجَذِرُ في البشرية حضارة ومدنية معينة، وما يسمى في الاصطلاح القانوني بالعرف، وهو من أهم مصادر القانون ويتحكم حتى في القانون الرسمي، وأحيانا يخالف العرف القانون الرسمي، ويفرض نفسه عليه، فيكون العرف هو القانون الحقيقي، فليس في القانون الغربي أو الأمريكي أن الحاكم يجب أن لا يكون من العنصر الأسود، وكذلك بريطانيا وكثير من البلدان الأوربية، القانون المدوَّن لا يشترط ذلك، ولكن العرف والمسار العرفي يشترط أن يكون الحاكم من سلالة الأنجلو البيضاء، والعرف يرفض أن يحكم الأسود، وهذا يسمى قانوناً عرفياً، المسير العرفي الذي يولده عناصر خلق المدنية والحضارة، سواء كانت هذه الحضارة تسير بشكل صحيح كالحضارة التي تساوي بين الأبيض والأسود، أو الحضارة التي تسير بشكل خاطئ وهي الحضارة التي تفرق بين الأبيض والأسود، فالفوارق بين الحكومة المدنية الحضارية وبين الحكومة السياسية فوارق كبيرة جداً، وفي سورة الكهف إشارات إلى أن الخطوات التي يتخذها الأنبياء والأولياء المعصومون على المستوى العقائدي أو الاجتماعي أو الثقافي أو السياسي أو ما شابه ذلك لا ينظر هؤلاء المعصومون إلى المرحلة التي يعيشون فيها فقط، وإنما ينظرون إلى تموجات ذلك الحدث وتأثيره على الأجيال إلى يوم القيامة، فليس من الصحيح أن يأتي جيل ويعاتب المرتضى (ع) في ما صنع، وربما يكون ما فعله المرتضى (ع) أو فعل المعصوم لو نظر إليه من زاوية وفي حقبة معينة لتُوُهِمَ أنه فعل سلبي، ولكن مع النظرة الشاملة العامة يتبين أنه فعل سليم وصائب ومحكم، لو أن نبياً سنَّ سنةً مفيدة في عصره ولكنها مضرة في عصرنا، فسيكون ذلك النبي ملوماً عندنا، فحكومة الحضارة والمدنية، والحاكم الحضاري والمتمدن هو الذي يرسم لنفسه خططاً ومناهج تبقى ما بقيت البشرية، وهذا الأمر صعب وخطير كما تشير أليه سورة

اسم الکتاب : الشعائر الحسينية المؤلف : السند، الشيخ محمد    الجزء : 2  صفحة : 127
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست