اسم الکتاب : العقل العملي المؤلف : السند، الشيخ محمد الجزء : 1 صفحة : 187
لنوعه و طبيعته ... و بالجملة يطلق «الشر» على أمور عدمية، من حيث هي غير مؤثرة، كفقدان كل شيء ما من شأنه أن يكون له مثل الموت و الفقر و الجهل، و على أمور وجودية كذلك، كوجود ما يقتضي صد المتوجه إلى كمال ما عن الوصول إليه و البلوغ إلى منتهاه، و كمذّام الأفعال السيئة، من الظلم و الزنى و مباديها من الملكات الرديئة، و الأخلاق الرذلة و كالآلام و الغموم و ما يستجرّها ... و البرد شرّ بالعرض، لافضائه إلى ما هو شرّ، و كذلك السحاب. و الظلم و الزنى أيضا ليسا، من حيث هما أمران منبعثان عن قوتين هما الغضبية و الشهوية مثلا، من الشرّ في شيء، بل هما من تلك الحيثية كمالان لتينك القوتين، و إنما يطلق عليهما «الشرّ» بالقياس إلى المظلوم الفاقد لخيره و كماله، أو إلى السنّة العادلة في السياسة المدنية المختلّ نظامها بذلك، أو إلى النفس الناطقة لضعفها عن ضبط قوتيها الحيوانيتين، و انصرافها بذلك عن صقع النور إلى هاوية الظلمة، و عن عالم القدس إلى عالم أقذار الطبيعة الهيولانية».
التكليف و الوعد و الوعيد من أسباب خيرات نظام الوجود العقوبة و المثوبة لوازم ماهيات الأفعال الحسنة و القبيحة ذاتا
و قال في وميض [1] لاحق: «إن هذا الأصل منسحب الحكم على شرور نشأة المعاد أيضا، في ضربيه الروحاني و الجسماني، فشقوة النفس في جوهر ذاتها بحسب الجهل المضاعف مثلا، و شقاوتها من جهة البدن بحسب التورط في هيجان شهوة أو غضب مثلا، على سبيل سائر الشرور الأقلية اللازمة للخيرات الكثيرة المقصودة للعناية الأولى.
و كذلك العقوبات الإلهية في النشأة الآخرة دخلت في القضاء و القدر، من حيث إنها لوازم خيرات نظام الوجود، من حيث تأدية الأسباب إليها، و من حيث إنها من متسمات أمر التكليف على سنن الحكمة في هذه النشأة، لأن الترهيب و الايعاد بها من