اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 328
( فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ
جُناحٌ ) ، ولكنّه غفل عن أنّ هذا التعبير لا يدلّ على مقصوده ، لأنّ
الآية وردت في مقام رفع توهم الحظر ، فكأنّ المخاطب يتصوّر انّ القصر إيجاد نقص في
الصلاة وهو أمر محظور ، فنزلت الآية لدفع هذا التوهم ، لتطيب النفس بالقصر وتطمئن
إليه. [١]
وليس ذلك بغريب
فقد ورد مثله في قوله سبحانه ( إِنَّ الصَّفا
وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا
جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللهَ
شاكِرٌ عَلِيمٌ ). [٢]
فان المسلمين لمّا
أرادوا الطواف بين الصفا والمروة في عمرة القضاء شاهدوا وجود الأصنام فوق الصفا
والمروة ، فتحرّج المسلمون من الطواف بينهما ، فنزل قوله سبحانه ( إِنَّ
الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ ).
يقول الطبرسي :
كان على الصفا صنم يقال له : إساف وعلى المروة صنم يقال له : نائلة ، وكان
المشركون إذا كانوا بهما مسحوهما ، فتحرّج المسلمون عن الطواف بهما لأجل الصنمين ،
فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وهو منقول عن الشعبي وكثير من العلماء ، فرجع رفع
الجناح عن الطواف بهما إلى تحرّجهم عن الطواف بهما لأجل الصنمين لا إلى عين الطواف
، كما لو كان الإنسان محبوسا في موضع لا يمكنه الصلاة إلاّ بالتوجه إلى ما يكره
التوجه إليه من المخرج وغيره ، فيقال له : لا جناح عليك في الصلاة إلى ذلك المكان
، فلا يرجع رفع الجناح إلى عين الصلاة ، لأنّ عين الصلاة واجبة وإنّما يرجع
التوجّه إلى ذلك المكان.
ورويت رواية أخرى
عن أبي عبد الله عليهالسلام انّه كان ذلك في عمرة القضاء ،