اسم الکتاب : الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 329
وذلك انّ رسول
الله صلىاللهعليهوآلهوسلم شرط عليهم أن يرفعوا الأصنام ، فتشاغل رجل من أصحابه حتى أعيدت الأصنام ، فجاءوا
إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقيل له : إنّ فلانا لم يطف وقد أعيدت الأصنام ، فنزلت هذه
الآية ( فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما ) أي والأصنام
عليهما ، قال : فكان الناس يسعون والأصنام على حالها. [١]
ويجري نفس هذا
الكلام في المقام ، فان قصر الصلاة وتبديلها إلى ركعتين من الأمور التي يتحرّج به
المسلم ويتصوّر انّه ترك للفريضة ، ففي هذه الظروف يقول سبحانه ( وَإِذا
ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ
الصَّلاةِ ).
وعلى ضوء هذا
فالآية لا تدلّ على العزيمة ولا على الرخصة ، بل هي ساكتة عن هذا الجانب.
إلى هنا تبين انّ
الآية لا تدلّ على أحد الأقوال ، فلا محيص من الرجوع إلى السنّة.
أدلّة القول بأنّ القصر عزيمة
دلّت السنّة
المتضافرة المبثوثة في الصحاح والسنن والمسانيد على أنّ القصر عزيمة ، وكان النبي
يقصر في عامّة أسفاره ، فنذكر من الكثير ما يلي :
١. أخرج مسلم عن
عائشة زوجة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم انّها قالت : فرضت الصلاة ركعتين ركعتين في الحضر والسفر
فأقرّت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر. [٢]
قال الشوكاني :
وهو دليل ناهض على الوجوب ، لأنّ صلاة السفر إذا كانت مفروضة ركعتين لم تجز
الزيادة عليها كما أنّها لا تجوز الزيادة على الأربع في الحضر.