إذ لا أقل من أن يكون اللَّه تعالى مطاعاً ولا تقع تلك المعصية خارجاً، بل أنّ للمستأجر ثواب التسبيب على فعل الخير والثواب وأنّه من الإعانة على البرّ والتقوى، فإنّه لا يجب في متعلّق الإجارة إلّا كونه متعلّقاً لغرض عقلائي، ولا يشترط أن تكون المنفعة دنيوية فقط أو عائدة إلى نفس المستأجر، ولذا يصح الاستئجار على بناء المساجد والمدارس والقناطر [1]).
هذا، ولكن المحقق الإيرواني ناقش في ذلك فقال: «إنّ المعتبر في صحة الإجارة هو نفع يوجب تموّل العمل وحصول الاستيلاء عليه ودخوله تحت السلطان لا النفع المترتّب على فعل الشخص بما أنّه تسبيب إلى البرّ والتقوى، فإنّ هذا نفع فعله ونفع تسبيبه لا نفع فعل للغير عاد إليه بإزاء ما بذله من المال له. وأمّا الأعمال في موارد الأمثلة فهي من قبيل ما ذكرناه أعمال ذوات منافع وداخلة لمكان منافعها تحت السلطان وكانت تملك بالعوض، ولذا صح الاستئجار عليها ... [فللمستأجر] أن يستوفيها وله أن يطلق الأجير مجاناً ..
بخلاف إتيان الشخص بواجب نفسه الذي لا يعود منه نفع إلى الغير؛ فانّه لا يتملّك ولا يدخل تحت السلطان» [2]).
فكأنّه يرى أنّ هذا المقدار من النفع لا يكفي لحصول المالية أو السلطنة والملكية للعمل الواجب التعييني العيني.
ثمّ إنّ الوجوه السابقة على فرض صحتها لا تقتضي أكثر من البطلان في مورد تعلّق الإجارة بنفس ما تعلّق به الوجوب كما هو الظاهر من محطّ أنظار الفقهاء لدى حكمهم بالبطلان.
أمّا إذا وقع الإيجار على نحوٍ يحصل التغاير بين متعلّق الوجوب ومتعلّق الإجارة فلا مانع من أخذ الاجرة عليه حينئذٍ من دون أن ينسحب إليه شيء من وجوه المنع المتقدمة؛ لعدم كون متعلّق الإجارة ضرورياً ولا متعيّناً على الأجير.
قال السيد الخوئي: «وعلى تقدير التنازل وتسليم دلالة شيء منها أو جميعها
[1] حاشية المكاسب (اليزدي): 23 (حجرية). جامع المدارك 3: 38. مصباح الفقاهة 1: 461. [2] حاشية المكاسب (الإيرواني) 1: 274.