ويقدّمه في المحافل العلمية والحوزات والمعاهد الدينية، ويناقش اجتهاده باسلوب علمي هادئ ورصين.
وعلى هذا جرت سيرة العلماء والفقهاء، حتى لو كانت نظريته مخالفةً للمشهور أو حتى للإجماع، أو لم تطرح من قبل، شرط أن تقوم على القواعد العلمية وتطرح نفسها بطريقة استدلالية رصينة.
هذا هو الإبداع المفتوح وباب الاجتهاد الذي لا ينسدّ، أمّا اختراع الآراء دون دليل والإطاحة بالنظريات وطرح أفكار بديلة دون بحث علمي رصين وقواعد استدلالية محكمة مهما اختلفنا معها، فهو الابتداع الذي يعني طرح أفكار لا وجود لها في الدين ودون تقديم أدلّة متكاملة فيها أو تكون اجتهادات في مقابل النصوص الواضحة تحت حجج واهية كالمعاصرة والتجديد والمواكبة وغير ذلك.
بهذا يفرّق الفقهاء بين الاجتهاد الإبداعي مهما اختلفوا مع هذه النظرية أو تلك، وبين القول الابتداعي الذي يقف مقابل النصوص الواضحة أو يدخل في الدين ما ليس فيه بلا حجّة ولا دليل.
سادساً- أحكام البدعة:
تتعلّق بالبدعة أحكام مختلفة كحرمتها، ومفسديّتها للعمل المبدع فيه- عبادة كانت أو معاملة- وفسق فاعلها، بل كفره أحياناً، ولزوم نهيه وردعه، وحكم شهادته، والصلاة عليه، وغيرها ممّا نتعرّض له فيما يلي:
1- الحكم التكليفي للبدعة:
جعل بعض علماء أهل السنّة البدعة محكومةً بالأحكام الخمسة [1] زاعماً أنّ البدعة المشار إليها في القرآن والأخبار:
اسم لكلّ حادث جديد بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولكن تقدّم الكلام في المعنى الاصطلاحي للبدعة لدى فقهاء الإمامية الموافق للأخبار أيضاً، وهو إدخال ما ليس من الدين فيه، أو جعل شيء لم يدلّ دليل من الشرع عليه بالعموم أو الخصوص شرعاً للغير، ومن الواضح أنّ هذا المعنى لا يتحمّل الأحكام الخمسة، بخلاف ما إذا فسّرت بكلّ حادث جديد. [1]
انظر: الموسوعة الفقهية (الكويتية) 8: 21- 22.