«أمّا كون الثالثة بدعة فلأنّها ليست مشروعة، فإذا اعتقد التشريع أثم، ولأنّه يكون إدخالًا في الدين ما ليس منه، فيكون مردوداً؛ لقوله عليه السلام: «من أدخل في ديننا ما ليس فيه فهو ردّ»، ولا نعني بالبدعة إلّاذلك» [1].
لكنّ الصحيح أنّ التشريع يشمل إسناد ما لا يعلم أنّه من الدين إلى الدين أيضاً وإن كان واقعاً منه، بخلاف البدعة، كما أنّ البدعة تشمل كلّ ما يخترعه ويبتدعه الإنسان من المذاهب والضلالات ولو لم يكن بعنوان الإسناد إلى الدين؛ ولهذا يقال لهم: أهل البدع، ومن هنا يكونان مختلفين مفهوماً وبينهما العموم من وجه مصداقاً.
كما أنّه قد اخذت في البدعة خصوصية زائدة على مجرّد التشريع وهي خصوصية كونه مطلباً جديداً ومخترعاً في قبال ما هو ثابت في الشريعة، فمن يشرّع في صلاته مثلًا بقول آمين من دون العلم أنّه من الشرع ولكن على أنّه من الشرع من دون طرحه كشيء جديد في قبال الشارع لا يكون بدعةً.
(انظر: تشريع)
ثالثاً- حقيقة البدعة:
تستعمل البدعة لدى المتشرّعة- ومنهم الفقهاء- وفي الأخبار بمعنى إحداث شيء في الدين بإدخال ما ليس من الدين فيه، أو إيجاد نقص فيه [2].
وإليه يرجع تفسير بعضهم لها ب «إحداث أمر على خلاف السنّة» [3]؛ إذ السنّة هنا بمعنى ما جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو الدين.
وهذا ما يعبّر عنه كثيراً- خصوصاً في العصور المتأخّرة- بالتشريع [4] كما سيأتي بيانه.
ولعلّ الأصل في اصطلاح (البدعة) قوله تعالى: «وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إلَّاابتِغَاءَ رِضوَانِ اللَّهِ» [5].
قال الطريحي: « «وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا»،
[1] انظر: المعتبر 1: 159. [2] انظر: المعتبر 1: 158. المنتهى 2: 121. الإيضاح 1: 78. الذكرى 2: 183. جامع المقاصد 2: 425. [3] مجمع البيان 5: 242. [4] انظر: هداية المسترشدين 3: 481. تهذيب الاصول 2: 402. [5] الحديد: 27.