وما رواه أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام في أوصاف القائم عليه السلام قال: «... فلا يترك بدعة إلّاأزالها، ولا سنةً إلّاأقامها» [1].
وغيرها ممّا في هذا المعنى، وقد مرّت رواية الحميري أيضاً.
ثمّ إنّ السنّة قد تطلق ويراد بها مطلق عمل سنّه وابتدأ به أحد، سواء كان ممدوحاً أو مذموماً، مأجوراً عليه أو مأزوراً، ومن ذلك ما ورد من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في رواية فضيل بن عياض عن أبي عبد اللَّه عليه السلام: «من سنّ سنّة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من اجورهم شيء» [2].
وفي رواية الشيخ المفيد زاد عليه:
«ومن سنّ سنّة سيّئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة» [3].
وتفصيل معاني كلمة السنّة واستخداماتها تراجع في محلّها.
(انظر: سنّة)
2- التشريع:
وهو تفعيل من الشرع، بمعنى جعل شيء شرعاً لنفس الجاعل أو لغيره.
وهذا المعنى لا يساوق البدعة؛ إذ يشمل فعل الباري تعالى بوصفه مشرّعاً.
نعم، قد يقال بأنّه يطلق التشريع في اصطلاح الفقهاء والاصوليّين على إدخال ما ليس من الدين في الدين [4]، فيرادف البدعة، إلّاأنّ التشريع مصدر والبدعة اسمه، ولذا تطلق البدعة على نفس العمل المشرَّع والمبدَع فيه أيضاً، بخلاف التشريع.
وأنّ المتعارف في القرآن والأخبار وعبارات المتقدّمين من الفقهاء التعبير بالبدعة، ولكن المتعارف في لسان الفقهاء في العصور المتأخّرة التعبير عنه بالتشريع، وفي كلماتهم شواهد كثيرة على وحدة المراد من الكلمتين عندما تقعان في سياق هذا الموضوع الذي نحن فيه.
وقد جمع بين التعبيرين مع تفسيرهما بشيء واحد المحقّق الحلّي حيث قال: [1] الوسائل 25: 436، ب 20 من إحياء الموات، ح 1. [2] الكافي 5: 9- 10، ح 1. [3] الفصول المختارة (مصنّفات الشيخ المفيد) 2: 136. [4] انظر: جواهر الكلام 2: 279.