الدالّة على نفوذ الإقرار، سواء كان بإبداء الكلام أم بالتصديق بعد السؤال أم بالجواب بما يستلزم قبول ما ذكر، أم بغير ذلك [1].
ولا فرق بعد كمال دلالة اللفظ على شيء بين كون دلالة ألفاظه على نحو الحقيقة اللغوية أو العرفية أو على نحو المجاز بالقرينة.
بل قد يقال بعدم لزوم انطباقه على قوانين الأدب والبيان، إذا لم يكن في دلالته على المقصود عرفاً خلل موجب لإجماله، ولعلّ هذا من الواضحات في محاورات أهل كلّ لغة ولسان؛ فإنّ الغالب في أهل كلّ لغة أنّهم غير عارفين بدقائق قوانين البيان، وذلك لا يسقط كلامهم عن الظهور والدلالة.
كما أنّه من الواضح لزوم تقدّم الحقيقة العرفية على اللغوية عند التعارض؛ لوضوح أنّ المتّبع هو العرف في مقدار دلالة ألفاظه في محاوراته واستعمالاته، واللغة ليست إلّاآلة لتشخيص المعنى لدى العرف، فهو المتّبع لا محالة.
ذلك كلّه للبناء العقلائي الممضى.
نعم، لو فرض علمه بالوضع وقامت القرينة على إرادة خصوص المعنى الموضوع له لغة فيؤخذ به كما لا يخفى [2].
ومن هذا كلّه يعلم أنّ ما جاء في بعض تعاريف الإقرار المتقدّمة من توصيفه بالجازم إنّما هو في مقابل التعليق وليس في مقابل الظهور الذي لا جزم فيه، وإنّما يقف عند الظن.
وأمّا القسم الثالث- وهو الإتيان بما لا ظهور له أصلًا، بأن كان محتمل الوجهين بل الوجوه من دون وجود قرينة حالية أو مقالية على المراد، أو له ظهور في الجملة بالنسبة للمقرّ أو المقرّ له أو المقرّ به أو أصل الإقرار- فمجمل الكلام فيه: أنّ اللفظ إنّما يكون حجّة بالنسبة لما تكون دلالته عليه تامّة لا أكثر، وقد يكون الإجمال في بعض الجهات موجباً للإجمال في سائر الجهات أيضاً، فيسقط الكلام جميعاً. [1] العناوين 2: 633. وانظر: المسالك 11: 9. جواهر الكلام 35: 79- 80. تحرير الوسيلة 2: 43، م 1. هداية العباد 2: 124، م 406. [2] انظر: الرياض 11: 404. تحرير الوسيلة 2: 43.