لعبادة أو مطالعة، فجاءه من يكرهه على بيع شيء ممّا عنده وهو في هذا الحال غير قادر على دفع ضرره، لكن لو خرج لكان له في الخارج خدم يكفونه شرّ المكرِه، فعندئذٍ لا يصدق الإكراه أيضاً [1].
لكن اختار الشيخ الأنصاري التفصيل بين المعاملات وغيرها في المقام حيث اعتبر العجز عن التفصّي في مفهوم الإكراه في الثاني دون الأوّل؛ وذلك لأنّ المناط في الإكراه الرافع لأثر المعاملات إنّما هو عدم طيب النفس بمفاد المعاملة، وهذا المعنى قد يتحقّق مع إمكان التفصّي، كما لو كان جالساً في مكان خاص فأكرهه الجائر على بيع شيء ممّا عنده، وكان للمكرَه- بالفتح- في غير هذا المكان خدم يكفونه عن شرّ المكرِه- بالكسر- إلّاأنّه يكره الخروج عن مكان جلوسه، ولا يتمكّن في هذه الحالة من دفع ضرر الجائر عن نفسه، فالظاهر أنّ الإكراه بمعنى عدم طيب النفس متحقّق هنا، وحينئذٍ يحكم بعدم ترتّب الأثر على هذه المعاملة الصادرة من المكرَه.
وهذا بخلاف الإكراه على أمر محرّم- كالكذب وشرب الخمر- فإنّ الشخص في المثال لا يعذر بمجرّد كراهة الخروج عن ذلك المنزل.
والحاصل: أنّ المناط في الإكراه المعتبر في تسويغ المحرّمات هو الإكراه بمعنى الجبر، وأمّا المناط في الإكراه المعتبر في رفع الأثر عن المعاملات فعدم طيب النفس لا غير، وبينهما فرق واضح [2].
وقد اورد عليه بأنّ معنى الإكراه هو حمل الغير على ما يكرهه مع الإيعاد على تركه، وهذا المعنى ينطبق على جميع موارد الإكراه بنسق واحد من دون فرق بين المعاملات والمحرّمات، فإذا كان الشخص في مكان- مثلًا- فأكرهه الجائر على بيع داره ولم يكن قادراً على دفع ضرر الجائر عن نفسه ولو بالاستنصار من خدمه وعشيرته خارج ذلك المكان، فوقتئذٍ يصدق الإكراه فيحكم ببطلان المعاملة، وكذا الحال في الإكراه على
[1] انظر: المكاسب (تراث الشيخ الأعظم) 3: 317. كلمة التقوى 4: 43. [2] انظر: المكاسب (تراث الشيخ الأعظم) 3: 317- 319.