يكون الامتزاج فيه على وجه لا يكون تناول بعضه موجباً للعلم بتناول الحرام بسبب الانتشار- مثل قطرة عرق أو بصاق حرام في حبّ ماء أو في كوز كبير- فقد ذكر المحقّق الأردبيلي [1] إمكان الحكم بالحلّية؛ للأصل والعمومات، وحصر المحرّمات، ولما رواه عبد اللَّه بن سنان:
«كلّ شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتّى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه» [2].
ثمّ احتمل التحريم خصوصاً في المسكر؛ للروايات، نحو ما رواه ابن الحجّاج: «أنّ ما أسكر كثيره فقليله حرام»، فقال له الرجل: فأكسره بالماء؟
فقال له أبو عبد اللَّه عليه السلام: «لا، وما للماء يحلّ الحرام! اتّق اللَّه عزّوجلّ ولا تشربه» [3].
ورواية عمر بن حنظلة: قلت لأبي عبد اللَّه عليه السلام: ما ترى في قدح من مسكر يصبّ عليه الماء حتى تذهب عاديته ويذهب سكره؟ فقال عليه السلام: «لا واللَّه، ولا قطرة قطرت في حبّ إلّااهريق ذلك الحبّ» [4].
وقال المحقّق النجفي: الظاهر التحريم؛ ضرورة عدم حلّية المحرّم بالمزج وعدم التمييز بين أجزاء المحلّل والمحرّم [5].
وإنّما استثني من ذلك فرض تحقّق الاستحالة أو استهلاك المحرّم على وجه يلحق بغير المحرّم الغالب.
الخامس- الأشربة السامّة وما يضرّ بالبدن:
تقدّم الكلام عن حكم الجامد منها في باب الأطعمة، حيث عدّها الفقهاء هناك من الأطعمة المحرّمة [6]، ولم يتعرّضوا لها تحت عنوان الأشربة المحرّمة؛ ولعلّه لوضوح عدم الفرق بين الجامد منها والمائع، كما صرّح بذلك في الرياض والمستند [7]. وقد تقدّم الكلام عن حكمها، وأنّه هل المحرّم قليلها أو كثيرها، القاتل
[1] مجمع الفائدة 11: 206. [2] الوسائل 17: 88، ب 4 ممّا يكتسب به، ح 1. [3] الوسائل 25: 339، ب 17 من الأشربة المحرّمة، ح 7. [4] الوسائل 25: 341، ب 18 من الأشربة المحرّمة، ح 1. وانظر: مجمع الفائدة 11: 206- 207. [5] جواهر الكلام 36: 376. [6] الكافي في الفقه: 277. المهذب 2: 429. الوسيلة: 363. الغنية: 398. الشرائع 3: 224. المختصر النافع: 254. الإرشاد 2: 111. التحرير 4: 640. الدروس 3: 14. مجمع الفائدة 11: 237. تحرير الوسيلة 2: 144، م 2. المنهاج (الخوئي) 2: 347، م 1694. [7] الرياض 12: 200. مستند الشيعة 15: 15.