رابعاً- الحكمة من تشريع الأسر:
هناك عدة امور يمكن أن تكون هي الحكمة من تشريع الأسر:
منها: كسر شوكة الأعداء وإذلالهم، وإحساس المسلمين بأنّ العزّة للَّهولرسوله وللمؤمنين.
ومنها: أن يكون ذلك عبرة للآخرين، فلا تسوّل لهم أنفسهم الاعتداء على دولة الإسلام.
ومنها: جرّهم إلى حضيرة الإسلام؛ ليطّلعوا على نظامه وقوانينه المتطوّرة وحججه الدامغة التي لا تدع للإنسان المنصف مجالًا للشكّ والترديد في اعتناق الإسلام.
ومنها: استغلال كفاءاتهم وطاقاتهم لخدمة المجتمع الإسلامي، كما فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أسرى بدر، حيث جعل فدية كلّ أسير منهم تعليم عشرة من أطفال المسلمين القراءة والكتابة [1].
ومنها: استغلال الأسرى للضغط من خلالهم على الكفّار؛ لتحرير أسرى المسلمين أو أخذ الفدية منهم وصرفها في مصلحة المسلمين [2]. إلى غير ذلك من المصالح والحكم.
خامساً- من له الحكم في الأسير:
ليس لغير الإمام الحكم على الأسير بعد أسره، وهو مخيّر لو حصل الأسر قبل الإثخان في قتله بالطريقة التي يراها، كما أنّه مخيّر لو حصل الأسر بعد انتهاء الحرب بين المنّ والفداء والاسترقاق [3]، وقد ادّعي عليه الإجماع [4].
ويدلّ عليه خبر طلحة بن زيد، قال:
سمعت أبا عبد اللَّه عليه السلام يقول: «كان أبي يقول: إنّ للحرب حكمين: إذا كانت الحرب قائمة ولم تضع أوزارها ولم يثخن أهلها، فكلّ أسير اخذ في تلك الحال فإنّ الإمام فيه بالخيار، إن شاء ضرب عنقه، وإن شاء قطع يده ورجله من خلاف بغير
[1] الصحيح من السيرة 2: 25، و5: 130. موسوعة التاريخ الإسلامي 1: 79. [2] الخلاف 4: 193- 194، م 17. [3] المبسوط 1: 557. الشرائع 1: 317. التذكرة 9: 154- 155. جواهر الكلام 21: 126. [4] جواهر الكلام 21: 126- 127.