داود الرقّي: «... إنّ السرف أمر يبغضه اللَّه عزّوجلّ حتى طرحك النواة، فإنّها تصلح لشيء، وحتى صبّك فضل شرابك» [1].
وكذا يتحقّق بصرف ما لا يليق بالحال [2]؛ لقول الإمام علي عليه السلام في حديث الأصبغ بن نباتة: «للمسرف ثلاث علامات: يأكل ما ليس له، ويشتري بما ليس له، ويلبس ما ليس له» [3].
وذلك يختلف باختلاف الأفراد والأحوال والأمكنة والأزمنة [4]، والمرجع في جميع ذلك هو العرف والعقلاء [5].
وبعبارة اخرى: أنّ الإسراف أمر نسبي يتأثّر بدرجة الرخاء العام في المجتمع، فكلّما كانت درجة الرخاء المألوفة عموماً أكبر كان الإسراف تجاوزاً لتلك الدرجة بصورة حادّة [6]، بينما تعتبر هذه الدرجة إسرافاً في مجتمع أقلّ رخاءً على العموم [7].
رابعاً- الحكم التكليفي للإسراف:
لا خلاف [8] في حرمة الإسراف في صرف الأموال إذا بلغ حدّ الإضرار [9] بالنفس والعيال [10]، أو تضييع الأموال مع حاجة المجتمع إليها، وقد يعبّر عنه بالإخلال بالنظام الاجتماعي [11]، بل ادّعي عليه الإجماع القطعي والضرورة [12]، وهو من الامور التي يستقبحها العقل [13]، بل عدّه بعضهم من الكبائر [14].
واستدلّ له- مضافاً إلى ذلك- بالكتاب والسنّة:
أمّا الكتاب فبقوله تعالى: «أَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ» [15]، وقوله تعالى: «كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَايُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ» [16].
وأمّا السنّة فبروايات مستفيضة [17]:
منها: رواية عامر بن جذاعة عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال لرجل: «... اتّق اللَّه ولا تسرف ولا تقتر، ولكن بين ذلك قواماً...» [18].
ومنها: رواية داود الرقّي عن أبي عبد اللَّه عليه السلام قال: «إنّ القصد أمر يحبّه
[1] الوسائل 21: 551، ب 25 من النفقات، ح 2. [2] المسالك 4: 152. مجمع الفائدة 9: 203. كفاية الأحكام 1: 584. [3] الوسائل 17: 65، ب 22 من مقدمات التجارة، ح 4. [4] انظر: مجمع الفائدة 9: 203. مفتاح الكرامة 5: 253. جواهر الكلام 26: 54. گناهان كبيرة 2: 103. [5] انظر: مفتاح الكرامة 5: 254. عوائد الأيّام: 632- 636. [6] ليس مجرّد تجاوز بسيط، فإنّه لا يكون حينئذٍ من الإسراف. [7] الإسلام يقود الحياة (مؤلّفات الشهيد الصدر) 12: 105، 106. [8] السرائر 1: 440. [9] الشرائع 3: 232. جواهر الكلام 22: 470، وانظر: 36: 465. [10] نضد القواعد الفقهية: 272. [11] الاستفتاءات (الخميني) 2: 621. [12] عوائد الأيّام: 615. [13] انظر: مجمع الفائدة 4: 413. مستند العروة (الصوم) 2: 239. [14] انظر: الذخيرة: 305. الرياض 13: 251. جواهر الكلام 13: 313. [15] غافر: 43. وانظر: عوائد الأيّام: 616. [16] الأعراف: 31. [17] الحدائق 22: 45. [18] الوسائل 9: 45، 46، ب 7 ممّا يجب فيه الزكاة، ح 1. وانظر: عوائد الأيّام: 617.