خامساً- أثر الاستثناء وحكمه:
وقع البحث عند الفقهاء في صحّة الاستثناء في الإنشاء وأثره عليه في أبواب متعدّدة، كما وقع البحث عن حكم الاستثناء بمشيئة اللَّه سبحانه، وهذا ما نستعرضه إجمالًا فيما يلي:
1- الاستثناء بمشيئة اللَّه:
ورد الأمر بالاستثناء بالمشيئة ومذمّة تركه في جملة من الأخبار:
منها: ما عن أبي عبد اللَّه عن أبيه عن عليّ بن أبي طالب صلوات اللَّه عليهم قال: «إذا حلف الرجل باللَّه فله ثنيا إلى أربعين يوماً، وذلك أنّ قوماً من اليهود سألوا النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم عن شيء فقال:
ائتوني غداً، ولم يستثن حتى أخبركم، فاحتبس عنه جبرئيل عليه السلام أربعين يوماً ثمّ أتى وقال: «وَ لا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً* إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَ اذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ» [1]» [2]).
ومنها: ما عن مرازم بن حكيم قال: مرّ أبو عبد اللَّه عليه السلام بكتاب في حاجة فكتب ثمّ عرض عليه ولم يكن فيه استثناء، فقال: «كيف رجوتم أن يتمّ هذا وليس فيه استثناء؟! انظروا كلّ موضع لا يكون فيه استثناء فاستثنوا فيه» [3]).
وأمّا قوله عزّ وجلّ: «وَ لا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً* إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَ اذْكُرْ رَبَّكَ إِذا نَسِيتَ» ففيه احتمالات:
الأوّل: أن يكون معناه: ولا تقولنّ ذلك القول إلّا أن يشاء اللَّه أن تقوله بأن يأذن لك.
الثاني: أن يكون معناه: ولا تقولنّه إلّا بمشيئة اللَّه وهو في موضع الحال، يعني إلّا متلبّساً بمشيئة اللَّه تعالى قائلًا: إن شاء اللَّه.
الثالث: أن يكون (إن شاء اللَّه) بمعنى التأبيد، كأنّه قيل: ولا تقولنّه أبداً مثل قوله تعالى: «وَ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ» [4]؛ لأنّ عودهم في ملّتهم ممّا لن يشاء اللَّه [5]). [1] الكهف: 23، 24. [2] البحار 101: 228، ح 60. [3] الوسائل 12: 138، ب 97 من أحكام العشرة، ح 1. [4] الأعراف: 89. [5] الكشاف 2: 714- 715.