ثمّ إنّه إن لم يتمّ أحد الوجهين المذكورين ولا غيرهما من وجوه الجمع بين الطائفتين من الروايات، يقع التعارض بينهما كما ذهب إلى ذلك بعضهم، فقال:
«إنّ إحدى الروايتين- وهي رواية أبي بصير- غير سليمة السند، أمّا رواية الفضل فهي معارضة بما دلّ على الإجزاء، وهو رواية معاوية بن عمّار المتقدّمة، كما أنّها معارضة- بناءً على أنّ وجوب الحجّ على المبذول له على القاعدة، ومن باب صدق الاستطاعة- بما دلّ على أنّ الحجّ لا يجب غير مرّة واحدة في العمر، فتنتهي النوبة إلى التخيير؛ لعدم المرجّح أو عدم الالتزام بالترجيح، فيمكن اختيار دليل الإجزاء دون غيره، فالإجزاء هو الأقوى» [1]).
وقال بعضهم: إنّ روايات الإجزاء تقدّم؛ لأنّها الموافقة للشهرة الفتوائية التي هي أوّل المرجّحات في باب المتعارضين [2]).
9- حكم رجوع الباذل عن بذله:
لا إشكال في جواز رجوع الباذل عن بذله قبل أن يدخل المبذول له في الإحرام، سواء أعطاه المال على نحو البذل وإباحة التصرّف أو كان على نحو الهبة إذا
[1] المرتقى إلى الفقه الأرقى (الحجّ) 1: 117. [2] تفصيل الشريعة (الحجّ) 1: 208.