responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الموسوعة الفقهية المؤلف : موسسه دائرة المعارف الفقه الاسلامي    الجزء : 11  صفحة : 264
بأحد الطرق المذكورة فليس هنا ما يدلّ على عدم مشروعيّتها، إلّا ما يتوهّم من شمول قوله تعالى: «وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ» [1] لهذا المعنى من الاستخارة، بتقريب: أنّ المقصود من الاستقسام بالأزلام هو ما يفعله العرب في الجاهليّة، فإنّهم كانوا يطلبون الخير وقسمة الأرزاق بالأزلام، وهي السهام التي لا ريش لها، فكانوا يتفأّلون بها في امورهم، ويطلبون ما هو الخير لهم من فعل أو ترك بتلك السهام في جميع امورهم التي يريدون أن يأتوا بها، من أسفارهم ومساكنهم ومراكبهم ومتاجرهم ومناكحهم وغير ذلك من مهمّاتهم، وذلك بمراجعتهم تلك السهام المعيّنة التي كانت عند شخص بمنزلة السادن لتلك السهام المحترمة عندهم، وكانت تلك السهام مكتوب على بعضها:
(أمرني ربّي)، وعلى بعضها الآخر:
(نهاني ربّي)، وبعضها لم يكتب عليه شي‌ء.
فإذا أرادوا سفراً أو أمراً آخر يهتمّون به ضربوا على تلك السهام، فإن خرج السهم الذي كتب عليه: (أمرني ربّي) يمضي في حاجته، ويقدم على ذلك الأمر، وإن خرج السهم الذي كتب عليه: (نهاني ربّي) لم يقدم على ذلك الأمر، وإن خرج السهم الذي لم يكتب عليه شي‌ء أعادوا العمل حتى يخرج أحد السهمين اللذين كتب على أحدهما الأمر وعلى الآخر النهي، فيعمل على طبقه [2]).
ومن الواضح أنّه لا فرق بين هذا العمل وبين الاستخارة التي هي بمعنى استكشاف الخير والشرّ بأحد طرقه المذكورة، وعليه فالعمل على طبق الاستخارة محرّم وفسق؛ لقوله تعالى: «ذلِكُمْ فِسْقٌ»، فإنّه إمّا راجع إلى قوله تعالى: «وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ» فقط أو يشمله في ضمن المذكورات في الآية.
ولكن هذا الاحتمال مردود؛ لكونه مخالفاً لظهور الآية الشريفة في أنّ المراد هو حرمة قسمة اللحم بالمقامرة، فإنّ ذلك هو مقتضى سياق الآية وأنّها بصدد بيان كيفيّة أكل اللحوم في عصر الجاهليّة، وتمييز ما هو حلال منها وما هو حرام، أي المذكّى وغير المذكّى، ويتّضح ذلك بذكر تمام الآية الشريفة، وهي قوله تعالى:
«حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَ ما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَ الْمُنْخَنِقَةُ وَ الْمَوْقُوذَةُ وَ الْمُتَرَدِّيَةُ وَ النَّطِيحَةُ وَ ما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ وَ ما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ» [3]، وعليه فليس المراد بالاستقسام بعد هذه القرينة الواضحة إلّا استقسام اللحم قماراً.
وقد ورد التفسير بذلك فيما روي عن أبان بن تغلب عن أبي جعفر عليه السلام أنّه قال في قول اللَّه تعالى: «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَ الدَّمُ وَ لَحْمُ الْخِنْزِيرِ» الآية: «الميتة والدم ولحم الخنزير معروف»، إلى قوله: «وَ أَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ» قال: «كانوا يعمدون إلى الجزور فيجزّونه عشرة أجزاء، ثمّ يجتمعون فيخرجون السهام ويدفعونها إلى رجل، والسهام عشرة: سبعة لها أنصباء، وثلاثة لا أنصباء لها، فالتي‌
[1] المائدة: 3.
[2] انظر: جامع البيان 4: 76، 77. الكشّاف 1: 604.
[3] المائدة: 3.
اسم الکتاب : الموسوعة الفقهية المؤلف : موسسه دائرة المعارف الفقه الاسلامي    الجزء : 11  صفحة : 264
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست