ويرد عليه: أنّ لازم ذلك عدم شمول أخبار من بلغ لما إذا قام الخبر الضعيف على استحباب ترك الفعل.
ولكن اجيب عنه:
أوّلًا: بأنّ قوله عليه السلام: «من بلغه ثواب من اللَّه على عمل فعمله» وإن لم يشمل هذا المورد كما لم يشمل الترك في باب المحرّمات والمكروهات، إلّا أنّ قوله عليه السلام:
«ومن بلغه شيء من الثواب على شيء من الخير» يشمل ما إذا كان نفس الترك متعلّقاً للطلب والبعث ومورداً لقيام المصلحة به كما في تروك الصوم؛ إذ عنوان الخير كما هو صادق على الفعل الذي فيه المصلحة، كذلك صادق على الترك الذي فيه المصلحة. وهذا بخلاف الترك في باب المحرّمات والمكروهات فإنّه لا يشمله؛ لأنّ مطلوبيّة الترك فيهما إنّما كانت بلحاظ ما في الفعل من المفسدة والحزازة لا بلحاظ ما فيه من المصلحة المقتضية للمطلوبيّة.
وثانياً: بأنّ المناسبات المرتكزة في ذهن العرف هنا تقتضي إلغاء خصوصيّة الفعل والترك والحكم بأنّ تمام النكتة والموضوع لترتّب الثواب هو بلوغ الثواب على شيء سواء كان على فعل أو ترك [1]).
الوجه الثاني: أنّه يعتبر في صدق البلوغ الظهور العرفي للخبر في ترتّب الثواب، فإذا لم يكن ترتّب الثواب على فعل مستنداً إلى الظهور العرفي للخبر الضعيف فلا يصدق البلوغ حينئذٍ، وترتّب الثواب على الترك في باب المحرّمات والمكروهات ليس مستنداً إلى الظهور العرفي للنهي التحريمي أو التنزيهي. نعم، هو من لوازمه العقليّة، وهذا لا يكفي في صدق البلوغ.
وتوضيح ذلك هو: أنّ النهي بناءً على القول بأنّه عبارة عن الزجر عن الفعل لا ظهور له في الزجر عنه إلّا لوجود مفسدة في الفعل، بحيث يستحقّ اللوم والعقاب عليه، وإذا ورد النهي في الخبر فهو إخبار بترتّب المفسدة والعقاب على الفعل، ولا يكون هذا إخباراً بترتّب الثواب على تركه وإن ترتّب عليه بحكم العقل لأجل الامتثال لكنّه أجنبيّ عن ظهور اللفظ عرفاً في الوعد على الثواب، وعليه
[1] انظر: بحوث في علم الاصول 5: 132.