اسم الکتاب : السيرة المحمّدية المؤلف : السبحاني، الشيخ جعفر الجزء : 1 صفحة : 258
يرجع إلينا و قبل قوله ومضى إلى منزله. فاغتمت قريش وسارإليه أبوجهل قائلاً: يا
عمّ نكسّت روَسَنا وفضحتنا، صبوتَ إلى دين محمّد؟ فقال: ما صبوتُ وإنّي على
دين قومي وآبائي، ولكنّي سمعت كلاماً صعباً تقشعرّمنه الجلود. فقال أبو جهل:
أشعرٌ هو؟
ـ ما هو بشعر.
ـ فخطب هي؟
ـ لا و إن الخُطَب كلام متصل. وهذا الكلام منثورٌ لا يشبه بعضه بعضاً... له
حلاوة.
ـ فما هو؟ قال: قولوا، هوسحر فإنّه آخذ بقلوب الناس.
فأنزل اللّه سبحانه و تعالى فيه: (ذَرْني وَمَنْ خَلقت وَحيداً...) .[1]
كما حاول عتبة بن ربيعة وهو من كبراء قريش وأشرافها أن يثني النبي
(صلى الله عليه وآله وسلم) عن الجهر بدينه، فكلّمه وطمّعه في المال و الجاه
والشرف، فأسمعه (صلى الله عليه وآله وسلم) آياتٍ من سورة فصّلت:(بِسمِ اللّه
الرَّحمن الرّحيم: حم* تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ* كِتابٌ فُصِّلَت آياتُهُ قُرآناً عَربيّاً
لِقَومٍ يَعْلَمُونَ* بَشيراً وَنَذِيراً فَأَعرَضَ أَكْثَرهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُون* وَقالُوا قُلُوبُنا في
أَكِنَّةٍ مِمّا تَدْعُونا إليه)[2]
فسمع وبقي صامتاًحتى انتهى النبي «صلى الله عليه وآله
وسلم» ،فقام إلى أصحابه وقد تغيّرت ملامحه، فقال بعضهم: نحلف باللّه لقد
جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به.
فقالوا: ما وراءك يا أبا الوليد؟ قال: سمعتُ قولاً واللّه ما سمعتُ مثله قط.
واللّه ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة. يا معشر قريش أطيعوني واجعلوها