لأن الرجل لو تطيب و
تزوج ثم لم يصل لم يكن له في التزويج و الطيب فضل و لا ثواب[1]
[1]. ينبغي التأمّل في ألفاظ الخبر قبل توضيحه.
الأول قوله( ص):« حبّب» بصيغة المجهول دون« أحببت» و الثاني« من دنياكم» و الثالث«
قرّة عينى في الصلاة».
و أمّا قوله« حبّب» اشارة الى أنّ
جبلّته( ص) مجبولة على حبّ أمور الآخرة دون الدنيا. و لكن اللّه تعالى حببه لهذين
الشيئين: حب النساء و الطيب من أمور الدنيا لكثرة ما يترتّب عليهما من المنافع و
الخيرات. اما النساء فيترتّب على حبهن مضافا على كثرة التناسل امور أخر و قد أباح
اللّه تعالى له( ص) تزويج تسعة من النساء دون أمّته لتلك الأمور و هى أن اللّه
تعالى أراد نقل بواطن الشريعة و ظواهرها و ما يستحيا من ذكره و ما لا يستحيا منه و
كان( ص) أشدّ الناس حياء، فجعل اللّه له نسوة ينقلن من الشرع ما يرينه من أفعاله و
يسمعنه من أقواله و يذكرنه من سنته في معاشرته معهن التي قد يستحيى من الافصاح بها
بحضرة الرجال و ذلك ليتكمّل نقل الشريعة. فقد نقلن كثيرا من آدابه في تهجده و
سواكه و نومه و يقظته و سائر أموره ما لم يكن ينقله غيرهن و ما رأينه في منامه و
خلواته من الآيات الباهرات و الحجج البالغات على نبوّته، و من جدّه و اجتهاده في
العبادة و خشيته من اللّه و غيرها مما يشهد كل ذى لب أنّها لا تكون الا لنبى و ما
كان يشاهدها غيرهن، فحصل بذلك خير عظيم. و هذا هو المشاهد لمن سبر كتب الحديث.
و أمّا الطّيب و ان كان تنعم في
الدنيا الا أنّه يقوى القلب و الجوارح، مضافا الى أنه حظّ الملائكة ففى الخبر« لا
تدع الطيب فان الملائكة تستنشق ريح الطيب من المؤمن».
و أمّا قوله( ص)« من دنياكم» كما
في الخبر الثاني ففيه ما لا يخفى من إضافة الدنيا الى غيره. و أمّا قوله( ص)« قرّة
عينى في الصلاة» اشارة الى أنّه و ان كان حبّب إليه من الدنيا« النساء و الطيب»
لكن قرة عينه في الصلاة لا غير، يعنى محبوبه الحقيقي و ما يقرّ عينه و-- يتعلق
سويداء قلبه به هو في الصلاة هذا إذا كانت« الصلاة» بفتح الصاد، و أمّا إذا كان
بكسر الصاد كما قد قرء فهو من باب« وصل» واحدها صلة بكسر الصاد فهي العطية و
الاحسان و الجائزة و ما يقال له بالفارسية( چشمروشنى) فلعل المراد اهداء الطيب
كما يظهر من بعض الاخبار ففى معاني الأخبار في معنى لا يأبى الكرامة الا الحمار
المراد الطيب و التوسعة في المجلس.
لكنه بعيد و مخالف لكتابة الصلاة
لأنّها بالتاء المدور لا الممدود.
اسم الکتاب : الخصال المؤلف : الشيخ الصدوق الجزء : 1 صفحة : 166