اسم الکتاب : شرح نهج البلاغة المؤلف : ابن ابي الحديد الجزء : 7 صفحة : 258
وقع فيهما هان ما كان يتخوفه و وجد الأمر دون ذلك و كذلك القتل و الموت فإن ما يستعظمه الناس منهما دون أمرهما في الحقيقة و قد قال أبو الطيب و هو حكيم الشعراء
كل ما لم يكن من الصعب في الأنفس # سهل فيها إذا هو كانا [1] .
و يقال في المثل لج الخوف تأمن و أما أحوال الآخرة فلا ريب أن الأمر فيها بالضد من ذلك لأن الذي يتصوره الناس من الجنة أنها أشجار و أنهار و مأكول و مشروب و جماع و أمرها في الحقيقة أعظم من هذا و أشرف لأن ملاذها الروحانية المقارنة لهذه الملاذ المضادة لها أعظم من هذه الملاذ بطبقات عظيمة و كذلك أكثر الناس يتوهمون أن عذاب النار يكون أياما و ينقضي كما يذهب إليه المرجئة أو أنه لا عذاب بالنار لمسلم أصلا كما هو قول الخلص من المرجئة و أن أهل النار يألفون عذابها فلا يستضرون به إذا تطاول الأمد عليهم و أمر العذاب أصعب مما يظنون خصوصا على مذهبنا في الوعيد و لو لم يكن إلا آلام النفوس باستشعارها سخط الله تعالى عليها فإن ذلك أعظم من ملاقاة جرم النار لبدن الحي .
و في هذا الموضع أبحاث شريفة دقيقة ليس هذا الكتاب موضوعا لها (1) - .
ثم أمرهم بأن يكتفوا من عيان الآخرة و غيبها بالسماع و الخبر لأنه لا سبيل و نحن في هذه الدار إلى أكثر من ذلك (2) - .
و إلى قوله ما نقص من الدنيا و زاد في الآخرة خير مما نقص من الآخرة و زاد في الدنيا نظر أبو الطيب فقال إلا أنه أخرجه في مخرج آخر
بلاد ما اشتهيت رأيت فيها # فليس يفوتها إلا كرام [2]