اسم الکتاب : شرح نهج البلاغة المؤلف : ابن ابي الحديد الجزء : 7 صفحة : 259
فهلا كان نقص الأهل فيها # و كان لأهلها منها التمام (1) -
ثم قال فكم من منقوص في دنياه و هو رابح في آخرته و كم من مزيد في دنياه و هو خاسر في آخرته (2) - ثم قال إن الذي أمرتم به أوسع من الذي نهيتم عنه و ما أحل لكم أكثر مما حرم عليكم الجملة الأولى هي الجملة الثانية بعينها و إنما أتى بالثانية تأكيدا للأولى و إيضاحا لها و لأن فن الخطابة و الكتابة هكذا هو و ينتظم كلتا الجملتين معنى واحد و هو أن فيما أحل الله غنى عما حرم بل الحلال أوسع أ لا ترى أن المباح من المآكل و المشارب أكثر عددا و أجناسا من المحرمات فإن المحرم ليس إلا الكلب و الخنزير و أشياء قليلة غيرهما و المحرم من المشروب الخمر و نحوها من المسكر و ما عدا ذلك حلال أكله و شربه و كذلك القول في النكاح و التسري فإنهما طريقان مهيعان إلى قضاء الوطر و السفاح طريق واحد و الطريقان أكثر من الطريق الواحد .
فإن قلت فكيف قال إن الذي أمرتم به فسمى المباح مأمورا به قلت سمى كثير من الأصوليين المباح مأمورا به و ذلك لاشتراكه مع المأمور به في أنه لا حرج في فعله فأطلق عليه اسمه و أيضا فإنه لما كان كثير من الأمور التي عددناها مندوبا أطلق عليه لفظ الأمر لأن المندوب مأمور به و ذلك كالنكاح و التسري و أكل اللحوم التي هي سبب قوة البدن و شرب ما يصلح المزاج من الأشربة التي لا حرج في استعمالها و قال بعض العقلاء لبنيه يا بني إنه ليس كل شيء من اللذة ناله أهل الخسارة بخسارتهم إلا ناله أهل المروءة و الصيانة بمروءتهم و صيانتهم فاستتروا بستر الله 8- و دخل إنسان على 8علي بن موسى الرضا ع و عليه ثياب مرتفعة القيمة فقال يا 8ابن رسول الله أ تلبس مثل هذا فقال له مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اَللََّهِ اَلَّتِي أَخْرَجَ لِعِبََادِهِ وَ اَلطَّيِّبََاتِ مِنَ اَلرِّزْقِ (3) - .
اسم الکتاب : شرح نهج البلاغة المؤلف : ابن ابي الحديد الجزء : 7 صفحة : 259