اسم الکتاب : شرح نهج البلاغة المؤلف : ابن ابي الحديد الجزء : 7 صفحة : 257
صرت بين الورى غريبا كما أنك تحت الثرى وحيد غريب فإن قلت ما وجه تقسيمه ع الأمور التي عددها إلى الفناء و العناء و الغير و العبر قلت لقد أصاب الثغرة و طبق المفصل أ لا تراه ذكر في الفناء رمي الدهر الإنسان عن قوس الردى و في العناء جمع ما لا يأكل و بناء ما لا يسكن و في الغير الفقر بعد الغنى و الغنى بعد الفقر و في العبر اقتطاع الأجل الأمل فقد ناط بكل لفظة ما يناسبها (1) - .
و قد نظر بعض الشعراء إلى قوله ع ليس شيء بشر من الشر إلا عقابه و ليس شيء بخير من الخير إلا ثوابه فقال
خير البضائع للإنسان مكرمة # تنمي و تزكو إذا بارت بضائعه
فالخير خير و خير منه فاعله # و الشر شر و شر منه صانعه.
إلا أن 1أمير المؤمنين ع استثنى العقاب و الثواب و الشاعر جعل مكانهما فاعل الخير و الشر (2) - .
ثم ذكر أن كل شيء من أمور الدنيا المرغبة و المرهبة سماعه أعظم من عيانه و الآخرة بالعكس و هذا حق أما القضية الأولى فظاهرة و قد قال القائل
اهتز عند تمني وصلها طربا # و رب أمنية أحلى من الظفر.
و لهذا يحرص الواحد منا على الأمر فإذا بلغه برد و فتر و لم يجده كما كان يظن في اللذة و يوصف لنا البلد البعيد عنا بالخصب و الأمن و العدل و سماح أهله و حسن نسائه و ظرف رجاله فإذا سافرنا إليه لم نجده كما وصف بل ربما وجدنا القليل من ذلك و يوصف لنا الإنسان الفاضل بالعلم بفنون من الآداب و الحكم و يبالغ الواصفون في ذلك فإذا اختبرناه وجدناه دون ما وصف و كذلك قد يخاف الإنسان حبسا أو ضربا أو نحوهما فإذا
اسم الکتاب : شرح نهج البلاغة المؤلف : ابن ابي الحديد الجزء : 7 صفحة : 257