اسم الکتاب : شرح نهج البلاغة المؤلف : ابن ابي الحديد الجزء : 7 صفحة : 214
عن الصناعة لأنه يكون قد عطف الجمع المفرد فيصير مثل قول القائل ما أخذت منه دينارا و لا دراهم في أنه ليس بالمستحسن في فن البيان .
و من ذلك قوله أيها الناس حصحص الحق فما من الحق مناص و أشخص الخلق فما لأحد من الخلق خلاص و أنتم على ما يباعدكم من الله حراص و لكم على موارد الهلكة اغتصاص و فيكم عن مقاصد البركة انتكاص كأن ليس أمامكم جزاء و لا قصاص و لجوارح الموت في وحش نفوسكم اقتناص ليس بها عليها تأب و لا اعتياص .
فليتأمل أهل المعرفة بعلم الفصاحة و البيان هذا الكلام بعين الإنصاف يعلموا أن سطرا واحدا من كلام نهج البلاغة يساوى ألف سطر منه بل يزيد و يربي على ذلك فإن هذا الكلام ملزق عليه آثار كلفة و هجنة ظاهرة يعرفها العامي فضلا عن العالم .
و من هذه الخطبة فاهجروا رحمكم الله وثير المراقد و ادخروا طيب المكتسب تخلصوا من انتقاد الناقد و اغتنموا فسحة المهل قبل انسداد المقاصد و اقتحموا سبل الآخرة على قلة المرافق و المساعد .
فهل يجد متصفح الكلام لهذا الفصل عذوبة أو معنى يمدح الكلام لأجله و هل هو إلا ألفاظ مضموم بعضها إلى بعض ليس لها حاصل كما قيل في شعر ذي الرمة