اسم الکتاب : شرح نهج البلاغة المؤلف : ابن ابي الحديد الجزء : 7 صفحة : 215
و غير خاف ما في هذا الكلام من التكلف .
و من ذلك قوله فكأنكم بمنادي الرحيل قد نادى في أهل الإقامة فاقتحموا بالصغار محجة القيامة يتلو الأوائل منهم الأواخر و يتبع الأكابر منهم الأصاغر و يلتحق الغوامر من ديارهم بالغوامر حتى تبتلع جميعهم الحفر و المقابر .
فإن هذا الكلام ركيك جدا لو قاله خطيب من خطباء قرى السواد لم يستحسن منه بل ترك و استرذل .
و لعل عائبا يعيب علينا فيقول شرعتم في المقايسة و الموازنة بين كلام 1أمير المؤمنين ع و بين كلام ابن نباتة و هل هذا إلا بمنزلة قول من يقول السيف أمضى من العصا و في هذه غضاضة على السيف فنقول إنه قد اشتملت كتب المتكلمين على المقايسة بين كلام الله تعالى و بين كلام البشر ليبينوا فضل القرآن و زيادة فصاحته على فصاحة كلام العرب نحو مقايستهم بين قوله تعالى وَ لَكُمْ فِي اَلْقِصََاصِ حَيََاةٌ[1] و بين قول القائل القتل أنفى للقتل و نحو مقايستهم بين قوله تعالى خُذِ اَلْعَفْوَ وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وَ أَعْرِضْ عَنِ اَلْجََاهِلِينَ[2] و بين قول الشاعر
فإن عرضوا بالشر فاصفح تكرما # و إن كتموا عنك الحديث فلا تسل.
و نحو إيرادهم كلام مسيلمة و أحمد بن سليمان المعري و عبد الله بن المقفع فصلا فصلا و الموازنة و المقايسة بين ذلك و بين القرآن المجيد و إيضاح أنه لا يبلغ ذلك إلى درجة