عقاب اللّه تعالى، أو رغبة في ثوابه، أو حبّا و
إيمانا بأنّه أهل للعبادة، فالعبادة تقع صحيحة إذا اقترنت بنيّة القربة على أحد
الأوجه الثلاثة، و لا يعتبر التلفّظ بها، و لا إخطار صورة العمل تفصيلا في الذهن،
و لا نيّة الوجوب أو الاستحباب، و لا التمييز بين الواجبات و لا بين أجزائها
الواجبة و المستحبّة، و هذا بخلاف الواجب التوصّلي، فإنّه إذا أتى به بدافع خاصّ
له، فقد دفع عن نفسه العقاب و صحّ، و لكنّه لم يستحق الأجر و الثواب بلطفه تعالى،
و إذا أتى به بدافع إلهيّ فقد استحقّ الثواب و الأجر بلطفه سبحانه، و إذا أتى به
بدافع إلهيّ و دافع خاصّ له معا على نحو لو لم يكن هناك دافع خاصّ لأتى به أيضا من
أجل اللّه تعالى، فقد برئ من استحقاق العقاب و استحقّ الثواب بلطف منه تعالى.
الثاني:
قصد الإخلاص في النيّة،
و
نعني بذلك عدم الرياء، فالرياء في الصلاة مبطل لها و محرّم شرعا، و على هذا فإذا
صلّى رياء بطلت صلاته، و كذلك الحال في سائر العبادات الواجبة و المستحبّة، و لا
فرق في ذلك بين أن يكون الرياء في الابتداء أو في الأثناء، و معنى الرياء هو
الإتيان بالعمل من أجل كسب ثناء الناس و إعجابهم، و هذا حرام في العبادات شرعا و
موجب لبطلانها، فأيّ عبادة أتى الإنسان بها بهذا الدافع تقع باطلة، و يعتبر الفاعل
آثما، سواء كان آتيا بالعمل من أجل كسب ثناء الناس وحدهم أو من أجلهم و من أجل
اللّه تعالى معا.
و
قد تسأل: أنّ الرياء إذا كان في أصل الصلاة و أجزائها الواجبة فهو مبطل لها، فهل
الأمر كذلك إذا كان في مستحبّاتها و آدابها، كما إذا صلّى الإنسان للّه على كلّ
حال و لكنّه حريص على أن يؤدّي صلاته بآداب و مستحبّات إضافية رياء، كأداء صلاته
في الجماعة أو في المسجد أو خلف الإمام الفلانيّ أو في الصفّ الأوّل أو غير ذلك؟