اسم الکتاب : وضوء النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) المؤلف : الشهرستاني، السيد علي الجزء : 1 صفحة : 201
و جابر ابن عبد اللّٰه الأنصاريّ، فإن كان أنس بن مالك قد خلط في آخر عمره و كان يستفتي فيفتي من عقله- كما رواه محمّد بن الحسن الشيبانيّ عن أبي حنيفة- فكيف بابن عبّاس و عليّ و جابر بن عبد اللّٰه الأنصاريّ و اختلاف النقل عنهما في الأحكام؟ و هل انّهم قد خلطوا في الأحكام أو انّ السياسة نسبت إليهما التناقض، بل في بعض الأحيان التضاد؟!
رأي و تنظير
لو دقّق الباحث النظر في الأخبار لوقف على دور السياسة في تحريف كثير من الأمور، فقد ذكر الفخر الرازيّ في تفسيره: (في المسائل الفقهيّة المستنبطة من الفاتحة) تعارض الروايات المنقولة عن أنس بن مالك في البسملة و أنّه تارة يعتبرها جزء من السورة و أخرى ينفيها و في ثالثة يتوقّف عندها.
قال الفخر الرازيّ:
أقول: إنّ أنسا و ابن المغفل خصّصا عدم ذكر بسم اللّٰه الرحمن الرحيم بالخلفاء الثلاثة و لم يذكروا عليّا، و ذلك يدلّ على إطباق الكلّ على أنّ عليّا كان يجهر ببسم اللّٰه الرحمن الرحيم. ثمّ ساق بعدها كلام الشيخ أبي حامد الاسفرائينيّ، و هو: روي عن أنس في الباب ستّ روايات، أمّا الحنفيّة فقد رووا عنه ثلاث روايات:
إحداها قوله: صلّيت خلف رسول اللّٰه (ص) و خلف أبي بكر و عمر و عثمان، فكانوا يستفتحون الصلاة بالحمد للّٰه ربّ العالمين.
و ثانيها قوله: إنّهم ما كانوا يذكرون بسم اللّٰه الرحمن الرحيم.
و ثالثها قوله: لم أسمع أحدا منهم قال: بسم اللّٰه الرحمن الرحيم.
فهذه الروايات الثلاث تقوّي قول الحنفيّة. و ثلاث أخرى تناقض قولهم:
إحداها: ما ذكرنا من أنّ أنسا روى أنّ معاوية لمّا ترك بسم اللّٰه الرحمن الرحيم في الصلاة أنكر عليه المهاجرون و الأنصار. و قد بيّنا أنّ هذا يدلّ على أنّ الجهر بهذه الكلمات كالأمر المتواتر فيما بينهم.
اسم الکتاب : وضوء النبي (صلى الله عليه و آله و سلم) المؤلف : الشهرستاني، السيد علي الجزء : 1 صفحة : 201