و هنا اشكال و هو انّه[1]:
كيف لا دخل للنبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في جعل الأحكام، و هذه الروايات
المنقولة في كتب الحديث و المجامع المعتبرة مثل الكافي صريحة في انّ النبيّ أضاف
الركعتين [1] على ركعتي الظهر و العصر لجهة مذكورة فيها و قد أمضاها اللّه تعالى و
أنفذها و لو لا انّ الأحكام مفوّضة من اللّه تعالى اليه لما كان يضيف الركعتين
مثلا.
و الجواب عنه: انّ هذه الإضافة كانت بعد استدعائه من اللّه تعالى و
قبوله سبحانه لذلك و ليس ضمّ شيء بعد استدعاء ضمّه من اللّه و قبوله و إمضائه، من
باب جعل الأحكام و تشريعه من عند نفسه، و كون الأمر مفوّضا اليه، و لو كانت هذه
الإضافة من قبيل التفويض الواقعي لما احتاجت إلى إمضاء اللّه تعالى و إنفاذه، و
الحال انّه نصّ في بعض الروايات على اجازة اللّه لذلك.
كما ورد في الاخبار انّ عبد المطلب خمّس ما له في الجاهلية و لمّا
بزغ فجر الإسلام أنفذ اللّه تعالى ذلك [2] و من هذا الباب تحريم اللّه ما حرّم
إسرائيل على
______________________________
[1]. من جملة هذه الروايات رواية فضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبد
اللّه عليه السلام يقول لبعض أصحاب قيس الماصر: انّ اللّه عزّ و جلّ أدّب نبيّه
فأحسن أدبه فلمّا أكمل له الأدب قال: إنّك لعلى خلق عظيم. ثمّ فوّض إليه أمر الدين
و الأمّة ليسوس عباده. ثمّ انّ اللّه عزّ و جلّ فرض الصلاة ركعتين ركعتين عشر
ركعات فأضاف رسول اللّه (ص) الى الركعتين ركعتين و الى المغرب ركعة فصارت عديل
الفريضة لا يجوز تركهن إلّا في سفر و أفرد الركعة في المغرب فتركها قائمة في السفر
و الحضر فأجاز اللّه عزّ و جلّ ذلك كلّه إلخ. الكافي ج 1 ص 266، وسائل الشيعة ج 3
ص 31.
[2]. روى الصدوق. عن علىّ بن ابى طالب عن النبي انّه قال في وصيّة
له: يا على انّ عبد المطلب سنّ في الجاهلية خمس سنن أجراها اللّه له في الإسلام:
حرّم نساء الآباء على الأبناء فأنزل اللّه عزّ و جلّ وَ لا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ.
و وجد كنزا فاخرج منه الخمس و تصدّق به فانزل اللّه عزّ و جلّ وَ اعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ
خُمُسَهُ الآية.