responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : منية المريد المؤلف : الشهيد الثاني    الجزء : 1  صفحة : 95

و قد تقرر في أصول الفقه أن ترتب الحكم على الوصف مشعر بكون الوصف علة و هذا يدل على أن الله سبحانه اختص بوصف الأكرمية لأنه علم الإنسان العلم فلو كان شي‌ء أفضل من العلم و أنفس لكان اقترانه بالأكرمية المؤداة بأفعل التفصيل أولى‌[1]. و بنى الله‌[2] سبحانه ترتب قبول الحق و الأخذ به على التذكر و التذكر على الخشية و حصر الخشية في العلماء فقال‌ سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى‌[3] و إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ[4]. و سمى الله سبحانه العلم بالحكمة و عظم أمر الحكمة فقال‌ وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً[5]. و حاصل ما فسروه في الحكمة مواعظ القرآن و العلم و الفهم و النبوة في قوله تعالى‌ وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ[6] وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا[7] فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ[8] و الكل يرجع إلى العلم‌[9]. و رجح العالمين على كل من سواهم فقال سبحانه‌


[1]-« تفسير الرازيّ» ج 2/ 186.

[2]- جاء في« تفسير الرازيّ» ج 2/ 186 في بيان فضيلة العلم من الآيات:« ... الثالث: قوله سبحانه: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ؛ و هذه الآية فيها وجوه من الدلائل على فضل العلم، أحدها: دلالتها على أنّهم من أهل الجنّة، و ذلك لأنّ العلماء من أهل الخشية، و من كان من أهل الخشية كان من أهل الجنة فالعلماء من أهل الجنة، فبيان أنّ العلماء من أهل الخشية قوله تعالى: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ. و بيان أنّ أهل الخشية من أهل الجنة قوله تعالى: جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ- إلى قوله تعالى-: ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ‌؛ و يدلّ عليه أيضا قوله تعالى: وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ ...». و تدلّ الآيتان 9 و 10 من سورة الأعلى( 87)-:« فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى‌ سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى‌»- على ترتّب قبول الحقّ و الأخذ به على التذكّر.

[3]- سورة الأعلى( 87): 10.

[4]- سورة فاطر( 35): 28.

[5]- سورة البقرة( 2): 269.

[6]- سورة البقرة( 2): 269.

[7]- سورة مريم( 19): 12.

[8]- سورة النساء( 4): 54.

[9]- هذا الكلام في بيان فضل العلم مأخوذ من« تفسير الرازيّ» ج 2/ 179، و حيث إنّ المؤلّف رحمه اللّه لخّص كلام.- الرازيّ- و لذا تعسّر فهم وجه دلالة هذه الآيات على فضل العلم- فإنّا نأتي بنصّ كلامه و هو هذا:

« ... إنّ اللّه تعالى سمّى العلم بالحكمة ثمّ إنّه تعالى عظّم أمر الحكمة و ذلك يدلّ على عظم شأن العلم، بيان أنّه تعالى سمّى العلم بالحكمة ما يروى عن مقاتل، أنّه قال: تفسير الحكمة في القرآن على أربعة أوجه:

أحدها: مواعظ القرآن، قال في البقرة:« وَ ما أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتابِ وَ الْحِكْمَةِ» يعني مواعظ القرآن، و في النساء:« وَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ» يعني مواعظ القرآن، و مثلها في آل عمران؛ و ثانيها: الحكمة بمعنى الفهم و العلم، قوله تعالى:« وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا» و في لقمان:« وَ لَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ» يعني الفهم و العلم، و في الأنعام:« أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَ الْحُكْمَ وَ النُّبُوَّةَ»؛ و ثالثها: الحكمة بمعنى النبوّة، في النساء:« فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَ الْحِكْمَةَ» يعني النبوّة، و في ص:« وَ آتَيْناهُ الْحِكْمَةَ» يعني النبوّة، و في البقرة:« وَ آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَ الْحِكْمَةَ»؛ و رابعها: القرآن، في النحل:« ادْعُ إِلى‌ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ» و في البقرة:« وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً»؛ و جميع هذه الوجوه عند التحقيق ترجع إلى العلم».

اسم الکتاب : منية المريد المؤلف : الشهيد الثاني    الجزء : 1  صفحة : 95
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست