لأن المرض هو الانحراف
عن المجرى الطبيعي و طبع النفس العلم و إنما خرجت عن طبعها بسبب غلبة أخلاط القوى
البدنية و يعتقد أن شيخه طبيب مرضه لأنه يرده إلى المجرى الطبيعي فلا ينبغي أن
يخالفه فيما يشير عليه كأن يقول له اقرأ الكتاب الفلاني أو اكتب بهذا القدر من
الدرس لأنه إن خالفه كان بمنزلة المريض يرد على طبيبه في وجه علاجه. و قد قيل في
الحكم مراجعة المريض طبيبه توجب تعذيبه[3]
و كما أن الواجب على المريض ترك تناول المؤذيات و الأغذية المفسدة للدواء في حضرة
الطبيب و غيبته كذلك المتعلم فيجب أن يطهر نفسه من النجاسة المعنوية التي غاية
المعلم النهي عنها من الحقد و الحسد و الغضب و الشره و الكبر و العجب و غيرها من
الرذائل و يقطع مادة المرض رأسا لينتفع بالطبيب.
و الإجلال و الإكرام و
يضرب صفحا عن عيوبه فإن ذلك أقرب إلى انتفاعه به و رسوخ ما يسمعه منه في ذهنه. و
لقد كان بعض السلف إذا ذهب إلى شيخه تصدق بشيء و قال اللهم استر عيب معلمي عني و
لا تذهب ببركة علمه مني[5].