اسم الکتاب : سعد السعود للنفوس المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 1 صفحة : 89
في علمه لذاته فحلم عن المعاجلة إذ هو محيط بها و العبد محجوب
عن خطر ذنوبه بغفلاته و منها قوله ع ذهبت الأماني عند هذه الآية و كيف لا تذهب
الأماني صريحة بذكر شرط استحقاق المقام بدار النعيم و من هذا يسلم ركوب هذا الخطر
العظيم و كيف تسلم القلوب من إرادة مخالفة للمطلع عليها و مزيدة لما لا يريد هو جل
جلاله صرف الإرادة إليها أعان الله تعالى على قوة تطهير القلوب من سواه و تحميها
أن تحرز منها ما لا يرضاه و منها أن الأبرار لا يؤذون الذرة كيف يكون حال من لا
يخلو من أذى نفسه و هي ملك الله و أذى غيره مما فوق الذرة و التهوين بالله المطلع
على سره و نجواه و مثل على التحقيق لأن أذى الذر و غيرها لغير مراد الله المالك
الشفيق عبث و فساد و خلاف سبيل التوفيق و منها قوله ع إنه يغفر للجاهل سبعين ذنبا
قبل الغفران للعالم ذنب واحد فهو واجب للعقول لأن الجاهل ما جاهر الله في حفرة
ذكره و لا عرفه جيدا و لا عرف قدر الذنب جيدا فهو يعصي من وراء ستارة جهله و
العالم بالله العامل بالمجاهرة بمعصية الله كالمستخف و المستهزئ بالمطلع علم
الذاكر أنه بين يديه و كم بين من يعصي سلطانا خلف بابه و بين من يعصيه مواجهة غير
مكترث لغضبه و عقابه و مستخف بحضرته و أذاه لا حول و لا قوة إلا بالله و منها
قوله ع إن حد الزهد
أن
لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ وَ لا تَفْرَحُوا بِما آتاكُمْ
و هذا شرط هائل و خطر
ذاهل و ما أرى هذا يصح إلا لمن لا يكون له إرادة مع مولاه بل يكون متصرفا في
الدنيا كالخازن و الوكيل و إنما يتصرف به جل جلاله و لله تعالى و منفذ أوامره
الشريفة فيما يرضاه و هو يحتاج إلى قوة ربانية و رحمة إلهية و منها قوله ع اتق
الله حيث كنت فإنك لا تستوحش و للأمر على هذه الوصية لأن المتقي للعظمة الإلهية
قوى بها غريزتها مستغن بها مستأنس بها جليس لها محمي بها فمن ذا يقدر أو يقوى
عليها حتى توحش من انضم بقلبه و قالبه إليها و كيف يستوحش من ظفر بإقبال الله
تعالى عليها و هو يريد المخلوق من التراب بدلا أو جلسا
اسم الکتاب : سعد السعود للنفوس المؤلف : السيد بن طاووس الجزء : 1 صفحة : 89