و أمّا أحد محتملي المتبائنين فهو و إن صدق عليه بعد ورود رواية باستحبابه أنّه ممّا بلغ عليه الثواب، إلّا أنّ المحتمل الآخر أيضا كذلك، فان حكم بثبوت استحبابهما معا فهو خلاف الإجماع، و إن حكم باستحباب أحدهما دون الآخر فهو ترجيح بلا مرجّح، و التخيير ممّا لا يدلّ عليه الكلام. هذا، مع وضوح أنّ الأخبار منصرفة بشهادة فهم العرف إلى الشبهة الابتدائيّة دون الناشئة من العلم الإجمالي.
و أمّا في القسم الأوّل: فالمعلوم الإجمالي حيث دار بين المطلق و المقيّد، فيكون استحباب المقيّد قطعيّا و يشكّ في استحباب المطلق بما هو هو، فيتسامح فيما ورد في استحبابه، فتأمّل.
بقي هنا شيء، و هو أنّا [1] إنّما حكمنا في القسم الأوّل بمجرّد استحباب الفرد المشكوك، و أمّا إثبات كونه امتثالا للكلّي المأمور به المردّد بين المطلق و المقيّد بحيث يترتّب عليه أحكام ذلك الكلي، فلا. مثلا إذا ورد الأمر بنوافل الظهر أو صلاة جعفر فشككنا في أنّه يشترط فيهما القبلة أم لا؟ و ورد رواية ضعيفة أو فتوى فقيه في عدم اشتراطهما بالقبلة، فالفرد المأتيّ بها على خلاف القبلة لا يحكم عليها بأنّها صلاة جعفر، و لا أنّ الذمّة برئت من نوافل الظهر، بل و لا [2] من الأوامر القطعيّة المتعلّقة بمطلق الصلاة، فإنّ استحباب مطلق فعل تلك الأجزاء و لو على خلاف القبلة لا يستلزم الخروج عن عمومات الصلاة أو خصوصاتها.
و منه يظهر أنّ نيّة امتثال تلك الأوامر القطعيّة بهذا الفرد المشكوك تشريع محرّم. و هذا هو السرّ في أنّهم لا يتسامحون في شروط الماهيّات المستحبّة و أجزائها، بل يلتزمون فيها بالمتيقّن متمسّكين بأنّ العبادات توقيفيّة، كما ذكروا ذلك في