اسم الکتاب : رسائل الشريف المرتضى المؤلف : السيد الشريف المرتضي الجزء : 1 صفحة : 355
المسألة الثانية عشر [الكلام في كيفية إنذار النمل]
هذه المسألة تضمنت الاعتراض على تأويلنا السابق فيما حكاه تعالى عن النملة و الهدهد بقوله.
أما الكلام فيما يخص الهدهد فقد استقصيناه في جواب المسائل الواردة في عامنا هذا، و أجبنا عن كل شبهة ذكرت فيه، و لا معنى لإعادته.
فأما الاستبعاد في النملة أن تنذر باقي النمل بالانصراف عن الموضع، و التعجب من فهم النملة عن الأخرى، و من أن يخبر عنها بما نطق القرآن به، من قوله يٰا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسٰاكِنَكُمْ لٰا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمٰانُ وَ جُنُودُهُ وَ هُمْ لٰا يَشْعُرُونَ[1].
فهو في غير موضعه، لأن البهيمة قد تفهم عن الأخرى بصوت يقع منها، أو فعل كثيرا من أغراضها. و لهذا نجد الطيور و كثيرا من البهائم يدعو الذكر منها الأنثى بضرب من الصوت، يفرق بينه و بين غيره من الأصوات التي لا تقتضي الدعاء.
و الأمر في ضروب الحيوانات و فهم بعضا عن بعض مرادها و أغراضها بفعل يظهر أو صوت يقع، أظهر من أن يخفى، و التغابي عن ذلك مكابرة.
فما المنكر على هذا أن يفهم باقي النملة من تلك النملة التي حكى عنها ما حكى الإنذار و التخويف. فقد نرى مرارا نملة تستقبل أخرى و هي متوجهة إلى جهة، فإذا حاذتها و باشرتها عادت عن جهتها و رجعت معها.