اسم الکتاب : رسائل الشريف المرتضى المؤلف : السيد الشريف المرتضي الجزء : 1 صفحة : 353
الجواب:
اعلم انا لم نحل المسخ، و انما أحلنا أن يصير الحي الذي كان إنسانا نفس الحي الذي كان قردا أو خنزيرا و المسخ أن يغير صورة الحي الذي كان إنسانا يصير بهيمة، لا أنه يتغير صورته إلى صورة البهيمة.
و الأصل في المسخ قوله تعالى كُونُوا قِرَدَةً خٰاسِئِينَ و قوله تعالى وَ جَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَ الْخَنٰازِيرَ وَ عَبَدَ الطّٰاغُوتَ.
و قد تأول قوم من المفسرين آيات القرآن التي في ظاهرها المسخ، على أن المراد بها أنا حكمنا بنجاستهم، و خسة منزلتهم، و إيضاع أقدارهم، لما كفروا و خالفوا، فجروا بذلك مجرى القرود التي [لها] هذه الاحكام، كما يقول أحدنا لغيره: ناظرت فلانا و أقمت عليه الحجة حتى مسخته كلبا على هذا المعنى.
و قال آخرون: بل أراد بالمسخ أن اللّٰه تعالى غيّر صورهم و جعلهم على صور القرود على سبيل العقوبة لهم و التنفير عنهم.
و ذلك جائز مقدور لا مانع له، و هو أشبه بالظاهر و أمر عليه. و التأويل الأول ترك للظاهر، و انما تترك الظواهر لضرورة و ليست ها هنا.
فان قيل: فكيف يكون ما ذكرتم عقوبة؟
قلنا: هذه الخلقة إذا ابتدأت لم تكن عقوبة، و إذا غيّر الحي المخلوق على الخلقة التامة الجميلة إليها كان ذلك عقوبة. لأن تغير الحال الى ما ذكرناه يقتضي الغم و الحسرة.
فإن قيل: فيجب أن يكون مع تغير الصورة ناسا قردة، و ذلك متناف.
قلنا: متى تغيرت صورة الإنسان إلى صورة القرد، لم يكن في تلك الحال إنسانا، بل كان إنسانا مع البنية الاولى، و استحق الوصف بأنه قرد لما صار على
اسم الکتاب : رسائل الشريف المرتضى المؤلف : السيد الشريف المرتضي الجزء : 1 صفحة : 353