الحميري مرة أخرى لشهرة شعرهم في هذا الموضوع أعرضنا عنه و لسهولة تداوله و الحصول عليه و هذا المدح في رأيه لا يزيدهم منزلة أو يرفعهم درجة بل يرى على العكس المادح لهم يزداد منزلة و قيمة و رفعة لأنهم أسمى من المدح و القول و النظم و يتابع رحلته الشعرية هذه بحرارة الإيمان معبرا عنهم أحسن تعبير و بعيدا عن الابتذال و التكلف و التصنع على خلاف غيره من المادحين و الناظمين قال:
وفوا العلوة بالميثاق و اتحدوا * * * على الحفاظ و جافوا كلّ خوّان
هم الجبال الرواسي في علوهم * * * و أنجم الليل تهدي كل حيران
سعوا فلم ترهم عين الجهول بهم * * * الا كما نظرت من شخص كيوان
صلّى الإله على أرواحهم و كسا * * * أشباحهم حللا من روض رضوان
فهم في عقيدته كالجبال الرواسي سموا و رفعة، و كأنجم الليل هداية و ارشادا، و قد اختفوا عن أعين الجهلة و المبغضين، و حق له أن يقول ذلك، لأنهم لا يرون عقيدة الّا عقيدة آل البيت و لا إسلاما إلّا إسلامهم، و هم في قناعته كما قلنا فوق مدح المادحين، و اطناب المطنبين، و اسهاب المسهبين، و هم أي محبّوا آل البيت أسمى و أرفع و أعلى بكثير و كثير مما يقول، لأنّهم صورة منتسخة عنهم كسلمان، و أبي ذر، و عمار و غيرهم مما يضيق بنا الحديث عنهم في هذه المقدمة، و يكرر مدحه لهم معرضا بغيرهم لترك الصورة، و التزام الحقيقة و التمسك بالعروة الوثقى، و ترك السراب الباطل، و هذا كثير عنده قال:
ويل الى الخيف عن الخوف الى * * * ظل اللوى و البلد الأمين
حمى به آل الخصيبي عصمة * * * الخائف من زمانه الخؤون
بنو الوفا و الصدق اخوان الصفا * * * قوم وفود الحجر و الحجون