اسم الکتاب : الانتصار في انفرادات الإمامية المؤلف : السيد الشريف المرتضي الجزء : 1 صفحة : 397
و من اغتر بقولهم: فلان كلب على كذا و تكلب على كذا، فغير متأمل، لأن الكلب هاهنا هو العطش و الكلب عندهم هو العطشان، و لا يقول أحد منهم:
كلب الطائر الجارح إذا علمه و أضراه، لأن هذه لفظة مستعملة مشتقة من لفظ الكلاب، فكيف تستعمل في غيرها؟
و إذا قيل: قد قالوا: أسير مكلب.
قلنا: من قال ذلك فقد فسره، و قال: معنى مكلب مشدود بالكلب الذي هو القد، و لما كان الأسير المشدود بالقد الذي هو الكلب قيل: مكلب، و ما أنكرنا أن يكون المكلب في موضع من المواضع يستعمل في غير الكلاب، و إنما أنكرنا أن يكون المكلب هو المعلم و المغرى و المضرى.
على أنا لو سلمنا هذه اللفظة و أنها قد استعملت في التعليم و التمرين فذلك مجاز، و المعنى الذي ذكرنا استعمالها فيه حقيقة، و حمل القرآن على الحقيقة أولى من حمله على المجاز.
على أن قوله تعالى «وَ مٰا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوٰارِحِ» يغني عن أن يكرر و يقول:
معلمين، لأن من حمل لفظة «مُكَلِّبِينَ» على التعليم لا بد من أن يلزمه التكرار، و إذا جعلنا ذلك مختصا بالكلاب أفاد، لأنه بيان لأن هذا الحكم يتعلق بالكلاب دون غيرها، و لو أبدلنا في الآية لفظة «مُكَلِّبِينَ» بمعلمين لما حسنت، و كيف تحمل على معناها و لو صرحنا بها لكان الكلام قبيحا؟
و يدل أيضا على ما ذهبنا إليه أن الجارح غير الكلب إذا صاد صيدا فقتله فقد حله الموت، و كل حيوان يحله الموت فهو ميتة و يستحق هذا الاسم في الشريعة، إلا أن تقوم دلالة شرعية على ذكاته، فلا يجري عليه حينئذ اسم الميتة و إن حله الموت. فإن أدعو ذكاة ما حله الموت من صيد البازي و الفهد و ما أشبههما، فعليهم الدلالة، و لا يتمكنون من دلالة و إنما يفزعون إلى خبر واحد أو قياس، و ما فيهما ما يوجب العلم فيترك له ظاهر القرآن.
اسم الکتاب : الانتصار في انفرادات الإمامية المؤلف : السيد الشريف المرتضي الجزء : 1 صفحة : 397