الوجه الأوّل: أنّ المجتهد يُخبر العامّي بسبب يقينه السابق، فيقول مثلًا: قامت الأمارة على أنّ الماء المتغيّر نجس، فإذن يصير المقلّد بنفسه متيقّنًا کالمجتهد، ثمّ يُخبره بعدم قيام الأمارة على بقاء هذه النجاسة بعد زوال التغيّر من قِبَل نفس الماء، فإذن يصير العامّي بنفسه شاکًّا في بقاء هذا الحکم، فيجري هو بنفسه الاستصحاب. فعلى هذا، إنّ قول المجتهد ببقاء نجاسة الماء المتغيّر حين زوال التغيّر يکون بمنزلة إخباره عن أسباب يقينِه وشکِّه، فکأنّ العامّي هو بنفسه أجرى الاستصحاب. ففي هذا الوجه يکون العبرة بيقين العامّي وشکّه، فإخبار المجتهد عن مؤدّى الاستصحاب يکون بمنزلة إخباره عن أسباب يقينه وشکّه.

الوجه الثاني: إنّ المفتي إنّما يُخبر العامّي بقيام الأمارة على نجاسة الماء المتغيّر، فيصير العامّي متيقّنًا بنجاسته، لکنّ العامّي هو بنفسه يکون شاکًّا في بقاء نجاسته عند زوال التغيّر، ويکون شکّه وجدانيًّا. فإذن أخذ يقينه السابق من المجتهد، وضمّه إلى شکّه الفعلي، فتتمّ أرکان الاستصحاب. وفي هذا الوجه يکون مورد الاستصحاب بالنسبة إليه ملفّقًا من يقينه المتّخذ من إخبار المجتهد بقيام الأمارة، ومن شکّه الوجداني، بخلاف الوجه الأوّل؛ لأنّ في ذلک الوجه يکون کلاًّ من يقينه وشکّه متّخذًا من إخبار المجتهد.

ولا يخفى ما في هذين الوجهين من البعد.

هذا کلّه بالإضافة إلى الاستصحاب وباقي الأصول المحرزة أيضًا کذلک.

حجّية الفتوي الحاصلة عن الأصول غيرَ المحرزة

الإشکال أقوى في رجوع العامّي للمجتهد بالنسبة للأصول غير المحرزة

نعم، يکون إشکال رجوع العامّي إلى المجتهد في العمل الثالث؛ وهو إجراء الأصول الشرعيّة الغير المحرزة؛ أقوى من الإشکال بالإضافة إلى رجوعه إليه في الأصول المحزرة، وذلک لأنّ موضوع الأصول الشرعيّة الغير المحرزة هو الشکّ في