أقول: المستثنى
من الربح إنما هو المئونة اللائقة بشأنه، لا مطلق ما يناسب شأنه فإن النسبة بين
الشأنية و المئونة العموم من وجه قد يفترقان، فإن من شأن المسلم أداء الخمس و
الزكاة و نحوهما من الواجبات المالية- مثلا- و ليس شيء منها من المئونة، و قد
يكون شيء من المئونة دون شأنه كالتقتير في المعيشة أو فوق شأنه كالإسراف، و قد
يجتمعان كما إذا كانت المئونة مطابقة لشأنه، فليس كل صرف راجح شرعا مصداقا للمئونة
و إن كان لائقا بشأن المسلم المتشرع بما هو مسلم متدين و محل الكلام إنما هو
المئونة اللائقة بحاله و لو في عرف المتشرعة، فإن المستثنى من الربح المتعلق
بالخمس هو المئونة فلا بد من صدقها أولا ثم ملاحظة الشأنية و الظاهر عدم صدق
المئونة على صرف تمام ماله في مثل بناء المساجد و القناطر و نحو ذلك ممن يكون قليل
الربح، بل هو زائد على مئونته و لو في عرف المتشرعة و إن كان راجحا شرعا، فلا ينافي
تعلق الخمس به أيضا فالزيادة على المتعارف في المستحبات الدينية تكون كالإسراف في
الامور الدنيوية في الخروج عن مفهوم المئونة، و إن كان الأول ممدوحا شرعا و الثاني
مذموما.
و السر في
ذلك هو اعتبار الحاجة في مفهوم المئونة حاجة عرفية و لو في عرف المتشرعة و لا يرى
المتشرعة الحاجة إلى صرف تمام الربح في تحصيل الثواب الاخروي من دون دفع الخمس، و
الحاجة إلى ثواب الآخرة حاجة عقلية فوق ما يعتبرها العرف في المئونة التي تقوم بها
الامور الدنيوية و الأخروية، فلاحظ و لو شك في ذلك رجعنا إلى عمومات وجوب التخميس
في الأرباح للشك في التخصيص الزائد لإجمال المخصص.
فالصحيح هو
التفصيل بين ما يليق بشأنه في عرف المتشرعة و بين الزائد على ذلك كما لعله المشهور
بين من تعرض لذلك اعتمادا على انصراف إطلاق المئونة إلى ذلك.