و قد رواها
الشيخ قدّس سرّه[1] بسند آخر فيه ضعف ب
«أمية بن عمرو» الواقع في طريقها، و ليس فيها قيد «و تركه صاحبه» فالعمدة هي
الأولى و القدر المتقين من «الترك» الوارد في هذه الرواية «الإعراض القلبي»
الملازم للترك العملي فيصح ما في المتن من جواز تملك الغواص للشيء الغارق بلا
تأمل، لانطباقه على القاعدة كما أشرنا.
و قد يشكل[2]
على هذه الرواية بأن التفصيل المذكور فيها- بين ما أخرجه البحر فيكون لأهله، و ما
غاص عليه الناس فيكون لهم- يكون على خلاف القواعد الشرعيّة ضرورة إباحة الشيء في
كلا الفرضين مع الإعراض، و عدم الإباحة فيهما مع عدم الإعراض؛ لأنه لا يحل مال
امرئ مسلم إلّا برضاه[3].
و يندفع بأنه
يكفى في جواز التملك مجرد الترك العملي من قبل المالك للعجز و اليأس عن الحصول على
الشيء الغارق في البحر، من دون حاجة إلى إحراز الإعراض القلبي و الإباحة المالكية
من قبله و التعبير الوارد في الرواية إنما هو «الترك» أي ترك التعرض لاستخراجه من
البحر لليأس عن الحصول عليه، كما هو المتعارف في الأشياء الغارقة في البحار، ضرورة
عجز المالك و يأسه عن الحصول عليها فيرفع اليد عنها و إن كره قلبا، فإن هذا
المقدار كاف في تملك من أخرجها بالغوص، كما يكفي ذلك في تملك الحيوان المتروك في
غير ماء و كلأ لجهده أو عجز المالك عن إحيائه، و تظهر الثمرة بينه و بين الأعراض
القلبي الذي هو بمعنى الإباحة