responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة مصر والسودان المؤلف : مهري، محمد    الجزء : 1  صفحة : 23

في الدارين. و يكون شفيع ذنوبه محمدا يوم لا ينفع مال و لا بنون. و يتقطر جسمه كرائحة ماء الورد فاذا امكن الانسان الحصول على رياض الجنة بالعمل الصالح فلا يصح أن يعمل عملا سيئا فيكون غرس شوك الشر في بستان الخير. كل ما تراه في الدنيا من القصور و التيجان المرصعة و سرير السلطنة و جميع محتوياتها لا يساوي شعرة جورية من حور الجنة. فلا تغرنك الحياة الدنيا فما هى الابضعة ايام. لان «كل من عليها فان و يبقى وجه ربك ذى الجلال و الاكرام». فكل من يريد محاربتي مصيره جهنم او اللحد الضيق. و كل ما حواه من خزائن الاموال و تاج السلطنة التي ملأت عينيك لا يساوي جرعة من الماء البارد في حالة النزع و الاحتضار. و متى كان الامر كذلك فلم هنّا العناد و تعذيب قلبك. و قد اجمع العقلاء على ان كل ما في الدنيا من الثروة و المال عرض زائل. و بذلك ختم جوابه و اعطاه لشعبة ليوصله الى رستم فذهب اليه فصادف في طريقه احد مشاهير ايران فاسرع هذا الرجل و اخبر رستم بمجى‌ء شخص مسن ليس له جواد و لا سلاح و لا لباس لائق و له سيف يحمله‌

فلما علم رستم بذلك امر بنصب خيمة من الحرير حبالها مذهبة من صنع الصين و فرشها مزركشة و نصب في وسطها سريرا من الذهب المرصع بالجواهر الثمينة فجلس عليه رستم و جلس حوله ماية و ستون من الفرسان و الشجعان كالاسود في ميدان الحرب على رءوسهم الخوذات المذهبة و لباسهم من الحزير البنفسجي اللون و نعالهم مذهبة و عسا كره حول الخيمة كالجراد المنتشر. ثم حضر شعبة و وقف امام الخيمة فدعوه للدخول فلم يقبل و جلس على الارض متكئا على سيفه و لم يلتفت الى هذه الابهة و العظمة و لم يهتم بأولئك الفرسان فقال رستم لشعبة خذ انبساطك و راحتك بكل انشراح فأجابه قائلا ايها البطل الهمام اذا قبلت دين محمد فسلام عليك. فأعرض عنه رستم لهذا الجواب و عبس وجهه و قطب حاجبيه. ثم أخذ منه الجواب و اعطاه للقارى‌ء فتلاه و بعد ما فهم مضمونه قال لشعبة قل لسعد انه ليس سلطانا و لا صاحب التاج و اريكة السلطنة و لا شهد سنان و محي و لم يعلم قوتي و سطوتي حتى اتى بلادنا طامعا في التاج و سلطنة الاكاسرة فاذا كان ملكا ربما نحاربه او تصالحه. لكن ماذا اقول لهذا الزمان و النجم النحس الذي رماني بهذا اليوم العصيب. فاذا كان محمد يدلنى على الدين الحق كنت اترك الدين القديم و اتبع هذا الدين الجديد. و لكن الفلك المعكوس اراد ان يسير معي بالعكس و القسوة. ثم قال لشعبة ارجع بسلام. فالحرب اولى من تطويل الكلام. فعاد شعبة الى سعد الوقاص و اخبره بما جرى بينه و بين رستم‌

اسم الکتاب : رحلة مصر والسودان المؤلف : مهري، محمد    الجزء : 1  صفحة : 23
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست