responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة إلى شبه الجزيرة العربية وإلى بلاد أخرى مجاورة لها المؤلف : كارستن نيبور    الجزء : 1  صفحة : 90

وصف القاهرة و بولاق و مصر العتيقة و الجيزة

شهدت المناطق المحيطة بالقاهرة تغيرات جذرية خلال الأحد عشر قرنا الماضية، أي بعد أن حكم المسلمون مصر و دمروا بعض المدن، و أهملوا أخرى، و بنوا بعضها الآخر في مكانها. بعيد وصولهم إلى مصر، استولوا على مدينة مصر، بعد أن غادر المقوقس و لا يزال موقع هذه المدينة غير محدّد، رغم أن مؤلفي «التاريخ العالمي» يؤمنون بأنها مدينة ممفيس الشهيرة. و لكن استنادا إلى رواية المؤرخين الشرقيين، انسحب المقوقس مع حاميته إلى إحدى جزر النيل بينما سلك اليونانيون الذين كانوا يساندونه الطريق المقابلة باتجاه الإسكندرية (*).

كانت مصر تقع إذن على الضفة الغربية للنيل؛ بينما يقع كل من ممفيس و الإسكندرية على الضفة الشرقية منه. و عند مغادرتهم هذه المدينة، لم يضطر اليونانيون لاجتياز النيل، حتى يعودوا إلى الإسكندرية. و لعل مصر هذه هي بابل، التي تحدث عنها المؤلفون اليونان، و الواقعة جنوبي القاهرة، بين جبل المقطّم و النيل، إننا نجد في هذه المنطقة، أنقاض كنائس قديمة، يجلّها الأقباط؛ كما و أن اليهود، الذين كانوا كثرا في مصر (**)، يملكون مقبرة في هذا المكان، رغم بعده عن القاهرة، و خطورة السبل المؤدية إليه.

أطلق المسلمون على المدينة الأولى التي بنوها اسم الفسطاط؛ و تحدث بعض المؤلفين العرب عن أصلها (***). فبعد أن استولى عمرو، قائد الخليفة عمر، على هذا القسم من مصر كان يستعد هو و رجاله للتقدّم نحو الإسكندرية. و لكنه ترك في تلك المنطقة خيمة، بنت عليها حمامة عشها، فقال العرب إن هذا الأمر فأل حسن، و ارتأوا بناء مدينة في تلك البقعة. و لكن كانت لديهم أسباب أخرى للاستقرار في هذه المنطقة؛ فالمسلمون الذين وصلوا حديثا إلى تلك البلاد، فضّلوا عدم الإقامة داخل المدينة، بين السكان المسيحيين. و ارتأوا أن يبنوا مكانا لهم خارجها، حيث حطّوا رحالهم، و ذلك في سبيل حماية أنفسهم. فاستقر قربهم العرب الذين كانوا يعملون في مصر، فضلا عن المسيحيين الذين اعتنقوا الإسلام؛ فأدّى ذلك إلى ولادة مدينة الفسطاط. و لئن كان اليونان و الرومان قد جعلوا من الإسكندرية عاصمة البلاد نظرا لقربها، فقد اختار العرب ضواحي الفسطاط للسبب نفسه. كما أن الحاكم المقيم في وسط


(*) التاريخ العالمي الحديث، الجزء الأول ص 328- 325. العدد الثاني.

(**) سير رحلة بنيامين تودلانسيس، ص 11.

(***) جغرافية السودان، الجزء 3.

اسم الکتاب : رحلة إلى شبه الجزيرة العربية وإلى بلاد أخرى مجاورة لها المؤلف : كارستن نيبور    الجزء : 1  صفحة : 90
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست