responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة إلى شبه الجزيرة العربية وإلى بلاد أخرى مجاورة لها المؤلف : كارستن نيبور    الجزء : 1  صفحة : 91

البلاد، يستطيع أن يرسل الجيوش، من هذه البقعة إلى الأقاليم كافة، إن دعت الحاجة لذلك.

و بعد أن أصبحت الفسطاط عاصمة بلاد مصر، سميت مصر؛ و لكنها لم تستمتع طويلا بهذا الشرف، إذ بدأت تضعف شيئا فشيئا، و القاهرة تزداد قوة. و بعد أن تحولت القاهرة إلى عاصمة للبلاد، أسميت مصر أيضا، بينما عرفت الفسطاط، التي كانت تحمل هذا الاسم أصلا، بمصر العتيقة. و رغم ذلك حافظ المصريون على الأسماء القديمة، و أطلقوا على مدينة مصر، اسم القاهرة، و على الشارع الطويل المطل على النيل، و الذي يشكّل جزءا من مصر العتيقة، اسم الفسطاط. و الأوروبيون وحدهم بدّلوا اسم هذه المدينة الأخيرة؛ فهم يسمّون الفسطاط أو مصر العتيق. القاهرة القديمة، رغم أن سكان البلاد الأصليين لم يسموها أبدا القاهرة.

نعلم جيدا أن مدينة القاهرة قد بنيت عام 358 أو 359 للهجرة، على يد جوهر، قائد جيش الخليفة الفاطمي المعزّ (*) و لكن هذه المدينة الجديدة لم تعتبر ضاحية الفسطاط إلا عام 572، بعد أن سوّرها صلاح الدين، و بنى فيها جوامع جميلة، و مدارس و مستشفيات؛ فالشريف الإدريسي، الذي وضع كتبه قبل هذه الحقبة، لم يأت على ذكر القاهرة، و اكتفى بالتحدث عن الفسطاط، التي كانت معروفة يومها بمصر. نشاهد اليوم في القاهرة بقايا سورين من أسوار المدينة: يقع السور الداخلي بين باب الفتوح و باب نصر و باب غريب و باب المشرق و باب الفولي؛ و يقع السور الخارجي بين باب الحديد و باب الشاري بين باب المشرق و القصر، قرب باب القرافه. و أنا لا أعرف أيا من هذين السورين بناه صلاح الدين لأنني لم أنقل أية نقوش عربية من هذه البلدة، رغم توافرها بكثرة؛ و لكنني أعتقد أنه بنى السور الداخلي. و كانت حدود مدينة القاهرة كما وصفها جان ليو، على النحو التالي: تشمل ضواحي هذه المناطق، و الأماكن الواقعة خارج باب الفتوح و باب النصر و باب الفولي؛ فهذه البوابات الثلاث تضاهي الأخريات عظمة و جمالا. و لا حظ الأمير رادزفيل الذي وصف حدود القاهرة كذلك، أن الشارع الممتد من باب الفولي إلى القصر يعد من الضواحي. و يقول السيد جان وايلد الذي قضى عدة سنوات في القاهرة في بداية القرن السابع عشر، إن المدينة كانت مسورة؛ و أظنه يقصد السور الخارجي.

و من الصعب أن نعرف إن كانت مساحة مدينة القاهرة قد زادت أو تقلصت خلال القرون الأخيرة، و لا نملك خارطة لها.

ثم إنه من خلال وصف جان ليو لهذه المدينة، يمكننا القول إنها لم تشهد تغيرات جذرية منذ عهده؛ و رغم أن شارع تيلون(Teilچ‌n) قد صغر بعض الشي‌ء و أن القرافة تضم عددا أكبر من المقابر؛ و رغم أن عدد المنازل بين القاهرة و بولاق و مصر العتيقة كان في تلك الحقبة يفوق عددها الحالي؛ علينا أن نأخذ بعين الاعتبار أن هذا المؤلف لا يأتي على ذكر شوارع كثيرة واقعة على الطرف الآخر للمدينة. و لعل الضواحي لم تكن متلاصقة، و لا قريبة من القاهرة، كما هي اليوم. و هو لا يشير إلى تاريخ هذه المدينة


(*) وصف عبد الحكم لمصر، و تاريخ الحكام المصريين.

اسم الکتاب : رحلة إلى شبه الجزيرة العربية وإلى بلاد أخرى مجاورة لها المؤلف : كارستن نيبور    الجزء : 1  صفحة : 91
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست