responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة إلى شبه الجزيرة العربية وإلى بلاد أخرى مجاورة لها المؤلف : كارستن نيبور    الجزء : 1  صفحة : 89

هذه المدينة كانت تقع جنوبا على مقربة من فسطاط، و بابل؛ و هذا ما يحثنا على الاعتقاد أنها لم تكن واقعة غربا، بل قرب بابل. و لقد أراد سترابون القول إن ممفيس كانت تقع قبالة بابل؛ و هو يستشهد بهيرودوس، الذي يؤكد أن ممفيس كانت تقع في القسم الضيق من مصر. انطلاقا من هذا المبدأ، بحثت عن موقع المدينة في الجهة الجنوبية، خلافا للدكتور شو، رغم أنه يدّعي أن الجيزة واقعة في القسم الضيق؛ لأنني اكتشفت أن هذا المكان يقع جنوبا، في أرض مكشوفة، محاطة بهضاب، بنيت عليها الأهرام، التي تشكل القسم الأكثر ضيقا في مصر. و إن صحّ القول إن الأهرام واقعة في جوار ممفيس، فذلك يعني أنها أخذت عنها لعبتها و بعبارة أخرى، أظن أن الكتّاب الذين ذكرهم الدكتور شو، لا يقدمون لنا البراهين اللازمة، للقول إن مدينة ممفيس كانت واقعة في المكان نفسه الذي نرى فيه اليوم الجيزة، بل يحاولون إقامة الدليل على أنها كانت تقع بين الأهرام و سقاره. و لكن المدهش في الأمر هو أن هذا العالم الكبير لم يلحظ في كتاب «جغرافية السودان»، و لا في كتاب «وصف الرحلة»، اللذين يذكرهما في الصفحة 306، للتحقق من موقع مدينة هيليوبوليس، أن موقع مدينة ممفيس، محدد فيهما، كما أنه لم يحاول مقارنة وجهة نظره بشهادة مؤلفي هذين الكتابين.

و يبدو أن اختلاف وجهات النظر بين شو و بوكوك، حول موقع مدينة ممفيس، أثار خلافا بين العلماء الإنكليز. و إليكم ما يقوله مؤلفو «التاريخ العالمي الحديث»، الجزء الأول، (ص 328): «كانت مدينة ممفيس تقع في موقع الجيزة الحالي نفسه؛ و هذا ما يؤكده لنا الدكتور شو، الذي تعتبر ملاحظاته الجغرافية حول مصر و شبه الجزيرة العربية، جديرة بالقراءة أكثر من سواها، نظرا لصحتها و دقتها، و استنادا إلى أبحاث علمية سليمة، و انتقادات سوية ... و بعبارة أخرى سيصمد كتابه في وجه الحملات الموجهة ضده، و بعد أن يدخل كل من حمل قلمه و حاول تقليده أو الحط من قدره طي النسيان، أو يواجه بازدراء، جدير به الجدارة كلها».

و بما أني كنت أجهل السبب الذي حثّ العلماء الإنكليز على إصدار هذا الحكم التعسفي بحق الرحالة كافة، و اعتبار الدكتور شو زعيما لهم، فلن أستطيع أن أقدم تفسيرا ملائما لهذا القرار. و لكنني أقرّ بأننا لا نجد وصفا للرحلات خاليا من العيوب، أو رحالة معفى من الأحكام المسبقة؛ لذلك من الأفضل عدم الدفاع عن آرائنا بعناد. و لعل يهود و أقباط مصر يستطيعون تحديد مواقع مدن هذه البلاد القديمة، لكن الأوروبيين لا يسعون أبدا لتوطيد صداقتهم بهؤلاء الأشخاص و يفضلون استشارة سواهم، في حال لم يعطهم، أول شخص يصادفونه، أجوبة مرضية .. و لم أحاول أبدا الاستفادة من هذه الفرصة؛ و لكنني أنصح الرحالة اللاحقين، باستغلال هذا الأمر.

اسم الکتاب : رحلة إلى شبه الجزيرة العربية وإلى بلاد أخرى مجاورة لها المؤلف : كارستن نيبور    الجزء : 1  صفحة : 89
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست