اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 65
لا يكون كذلك و قد أعدته يدان جميلتان [1] جدا، فأخذت الجماعة جميعها تضحك و خجلت الفتاة كأنّها وردة دمشق [2].
و باليوم الثامن من كانون الأوّل من السنة المذكورة سافرنا إلى «دبلن» في عربة البريد، و هذه العربة تستخدم لبريد الكتب و الطرق و لم تكن مأمونة، و كنّا في خفارة ثلاثة حراس من الجند يتناوبون كلّما استبدلنا بالخيل، و وجدنا في الطريق جميع ما نحتاج إليه و قد تصبّحنا [3] في «فيرموي» مدينة صغيرة أنشأت حديثا و نمنا في «كلوميل» فإذا سمع أرباب الفنادق صوت بوق السائق أعدوا كل شيء ضروري لنا بحيث لا يصيبنا أقل تأخر أو إبطاء أبدا. و في الغد تصبحنا في «كيلكيني» مدينة مشهورة بهوائها النقي و مياهها العذبة و عذاوتها و كذلك بجمال سكانها و أدبهم و قضينا اللّيل في «كارلو» ثمّ وصلنا إلى دبلن في مساء الغد.
إنّ البلاد الّتي جزناها كانت و عرة جدا بحيث لم تكن حركتنا في ثلاثة أيّام إلّا صعودا و هبوطا مع أنّنا لم نلاق الجبال الشديدة الميل.
وصف ريف إيرلندا
إنّ قرى إيرلندا تشبه كثيرا قرى الهند فالمنازل مغطاة بقش الزرع و أغصان الصفصاف و منهم من يغطي السطوح بالأعشاب و أغلب القرى ليس فيها من السكان أكثر من زهاء اثني عشر إنسانا، و الشقاء مستول على سكان الريف و ضعفاء الشعب حتّى ليعد فلاحو الهند أغنياء بالإضافة إلى هؤلاء.
و هذا الفقر ناشئ عن غلاء السلع و كمية الملابس و الوقود اللّذين يحتاج إليهما في مناخ بارد كهذا.
و مع أنّ الطرق كانت مبلطة بالظراب [4] فالسكان لا يحتذون أحذية، و إنّما
[1] هذا المعنى يكرره الرحالة في مخاطبة النّساء و إن اختلف اللفظ، و الظاهر إن كان يطري جمالهن إلى حد الابتذال.