اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 52
يعتنين بخدمة السرر و الغرف و الحجر للمسافرين أمكنهن أن يحصلن على شيء من الدراهم و لكن ساداتهن لبخلهم يسلبونهن قسما كبيرا منها.
و في أثناء إقامتي في الكاب كابدت أذى هائلا من قذارة مواضع الاستراحة [1] و الغائط فإنّهم لا يعتنون بتنظيفها و ليس في المدينة حمامات حارة و لا حمامات باردة، و السكان يجهلون كل الجهل استعمال المغسل و التطهر.
و إذ كنت أجهل اللغة الهولندية كان من المحال أن أكالم النّساء الشابات الهولنديات و مع ذلك فقد رقصن بحضوري رقصا شهوانيا، و نظرن إليّ نظرات جدّ معبرات [2] فأحمر خجلا و اضطر أن أنزوي في باحة الرقص، هذا و أنّ عدّة أوانس تحرشن بي ذات يوم، و أجملهن كانت أجرأهن خطفت منديلي و قدّمته إلى إحدى صواحبها فاستغرقن في الضحك كلهن، و إذ ظهر أنّ صاحبتها لا تريد قبوله، فاسترجعته منها قائلا: «أنا لا أهبه إلّا لأجمل فتاة منكن» إشارة منّي إلى عادة الأتراك في رميهم المنديل إلى المرأة الّتي يريدون أن يقضوا اللّيل معها، و توجّهت الدعابة بذلك على شيطانتي المحبوبة، فانصرفت و قد ضرج الخجل خديها بالاحمرار.
أهل الكاب
أقمت في دار المستر «كلارك» حتّى اليوم الثالث عشر من تموز سنة (1799 م) و في أثناء تلك الإقامة تعرّفت إلى عدّة أشخاص و تحققت أنّ في مدينة الكاب ناسا كثيرا من المسلمين، و صاحب مثواي لم يتوان عن أن يبرهن لي على أنّه هولندي صحيح النسب بدعاواه العريضة، و قد أنبته تأنيبا كثيرا، رده عليّ بكثير من الوقاحة، حتّى لقد تهدّدني بتقديمي إلى باحة القضاء، و شكوته إلى الضابط «ويليامسون» أحد رفقائي في السفر و إذ كان بينه و بين إحدى نساء الدار تواطؤ إنحاز إلى صاحب الدار، و بعد ذلك أتيحت له فرصة الندم على سيرته الّتي سارها، فإنّ الجارية الّتي و اطأها و وطئها قد اتضح أمرها و عاقبها سيّدها بشدّة و أخذ جميع الدراهم الّتي