responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 280

و غادرت الموصل على هذا التصميم، و لكني فكرت في الطريق في طريقة عيش الأتراك و قذارة دور البواشية، و تذكرت جميل الاستقبال الّذي استقبلني به الإنكليز كلّما لقيتهم فوجدت نفسي جدّ تائق إلى السكنى في دار القنصل البريطاني المستر جونس، و كان اللّيل قد أطل عند وصولي إلى بغداد من النجف و كنت متعبا مضنى و مبلّلا حتّى العظام، و قد ضحيت بمنافعي الحقيقية من أجل استراحتي الحاضرة و أمرت دليلي أن يؤديني إلى دار المستر جونس. و قد ساء هذا السلوك غير الحكيم علي باشا و غاظه كثيرا، فإنّه كان أعدّ لي ترجمانا هنديا فضلا عن إعداده لي منزلا أمكث فيه أيّام كوني ببغداد، و انتظر وصولي بفروغ صبر، و غاظ جميع السادة [1] المسلمين كذلك أن رأوني أفضل الاجتماع مع نصراني على الاجتماع معهم و قد أرسلت بفرمان السلطان إلى الوالي و لكنّه أبى أن يستقبلني عدّة أيّام بحجّة أنّه مشغول بتنظيم جيش موجه لمحاربة الأكراد، و لما حضرت عنده تركني أنتظر ساعتين طويلتين في خيمة قبل أن يأذن لي في مقابلته ثمّ استقبلني بحفاوة بالغة، خالية من المودّة بالتقريب، و قد علمت بعد ذلك أنّ هذا الإعراض ناشئ في بعضه من صلتي بالمستر جونس المذكور آنفا، و كان قد ساء ما بينه و بين الباشا كل السّوء، و مع ذلك فقد أطاع الباشا أمر السلطان مع تجدد اغتياظه منّي لما فعلت وزودني أجوزة و أعدّ لي أدلاء، و سلم إليّ كتبا يوصي فيها بي حكّام المواضع المقدّسة (المقدم ذكرها).

و الأشخاص الّذين أحبوا رؤيتي وزاروني عند المستر جونس هم «حاجي حسين» و ثلاثة تجار من أصفهان لا غير، و لكونهم من المقيمين ببغداد منذ زمن طويل أصبحوا غرباء عن العادات الفارسية و لم يقتبسوا العادات التركية، فأشبهوا في ذلك الزاغ الوارد ذكره في الخرافة. الّذي نسي مشيته الأصلية في إرادته تقليد مشية الدراج، و حاصل الأمر أنّ الاجتماع بهم كان باردا تافها جدا، و قد شعرت بأنّي أنا نفسي المذنب وحدي، و لم أجرؤ أن أفصح عن شكواي، و لقد كنت أستطيع تحمل سخط المسلمين لو كانت دار المستر جونس على الحال الّتي تصورتها لها، و لكن‌


[1] أراد مطلق معنى «السيّد لا السيّد العلوي. (المترجم).

اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 280
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست