responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 281

هذا الرجل الفاضل، لم يفكر قطّ في إلزام قواعد النظافة في داره إمّا بسبب معيشته زمنا طويلا بين الأتراك و إمّا بسبب سجيته المتهاونة بطبيعتها، ففي مرّات كان يتغدى في الساعة التاسعة [1]، و في مرّات بالظهيرة، و لم تكن له ساعة معينة للعشاء، و مائدته سيّئة المحتوى و الأعداد دائما، و حديثه عليها كان كئيبا سقيما، فلا تنشطه فإنة و لا سرور، و مظهر الاحتقار أظهره صاحب الدار للضيوف دلّ على أنّه لم يبتهج قط بالاجتماع معهم، بله أنّه كان ذا سجية فاحشة الغيرة، و لم يرد البتّة أن يتحمل قبولي أقلّ خدمة من الموظفين الأتراك قائلا: إنّه يجب عليه وحده أن يرعى مصالحي، و إذ وضعت نفسي في حمايته، و كان يحسب نفسه ذا مكانة رفيعة جدا لا تليق بأن يتولى شؤوني بنفسه، و كلها إلى وكيله و كان لصا شهيرا، احتال عليّ احتيالات بشيعة، و أراد أن يفقدني الحياة، فقد جرت العادة أن تكون المسيرة بين بغداد و البصرة في النهر، و خصوصا في فصل الأمطار حين تكون دجلة ذات جرية شديدة، و كنت عزمت أن أنضم إلى أشخاص محترمين لاكتراء سفينة حسنة التوزيع و التفريع تجعلنا قادرين على السفر براحة و سماحة، و لكني في اليوم الّذي عدت فيه من النجف أعلمني وكيل القنصل المستر جونس أنّ سفينة جيدة من سفن شركة الهند مشحونة بضائع على عزم الإقلاع بعد ساعات إلى البصرة، و أضاف إلى ذلك قوله: إنّ الفرصة سانحة جدا للسفر بنفقات قليلة، و لأنّي حسبت أنّ السفينة على حال جيدة وافقت على ذلك في الحال من غير أن أحتاط لنفسي بأن أراها قبل ركوبها و رجوت من الوكيل أن يأمر بنقل أثقالي و حقائبي إليها و لكن مفاجأتي بها كانت هائلة، حين بلغت ضفة النهر فقد وجدتها عتيقة مسطحة قذرة بغير بساط، و ملاحوها ذوو وجوه متوحشة، و تشبه حقيقة السفن الّتي تجلب فيها الأخشاب في كلكتا، فنكصت اشمئزازا وكدت أرجع إلى مثواي و لكني فكرت في سيرة المستر جونس و العيش الممل الّذي أعيشه ببغداد، فقفزت إلى السفينة عازما على أن أقتحم كل الأخطار، و قد سلخت أربعة و أربعين يوما ببغداد، و منها الأيّام الّتي قضيتها في الزيارات، و قد كدت‌


[1] عاد أبو طالب إلى ذكر الطعام و قد ذكره في رحلته مرارا و الظاهر أنّه كان نهما أكولا.

(المترجم).

اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 281
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست