responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 214

الأبيض المتوسط، و هذه المدينة فيها كثير من الفواكه على اختلاف أنواعها، و بطيخها جدّ مشهور و مبذول، بحيث يرى الرائي منه أكواما عظيمة في كل أنحاء المدينة، و رأيت فيها كثيرا من العنب و الرمان و السفرجل من نوع عديم النظير و قد تغديت مرّة ثانية عند الأغا مدير الكمرك و المكوس و بقينا معا أيضا حتّى منتصف اللّيل، و لما انصرفت أمر أحد خدّامه أن يحمل إليّ في السفينة. زادا لي مائة بطيخة و عنبا و خمسين كعكة و عنزين و عجلا و أمر بعد ذلك بأن أوصل إلى باب داره، و أصحبني صاحبه سرّه إلى مثواي في المدينة.

أبو طالب يبحر إلى القسطنطينية

و باليوم الثالث عشر من تشرين الأوّل (سنة 1802 م) أقلعت بنا السفينة ميناء أزمير، و بعد قليل وصلنا إلى جزيرة «ميتيلين» مسقط رؤوس عدّة فلاسفة كبار، و إذ كان البحر هادئا نزلنا إليها لنزور «كاسترو» و لكنّا خدعنا في انتظارنا، فالمدن في هذه البلاد مشيدة على مرتفعات و دورها البيض‌ [1] تحدث من بعيد كثيرا من التأثير في النّفوس، و لكن الإنسان إذا اقترب منها زالت منه الغرابة و العجب، و الشوارع الّتي فيها الأسواق مغطاة بالكرم المعرش و هي جدّ ملائمة في الفصل الجميل و لكنّها في زمن الرطوبة تجعلها مظلمة و قذرة، و السكان يونانيون و هم في حكم الأتراك.

و في اليوم الخامس وصلنا إلى مقابل «تينيدوس» و إذ كانت الريح نكباء كثيرة التحول في البحر الأيوني اضطررنا إلى إرساء السفينة، و نزلنا البرّ، للقيام بالواجب علينا للحاكم عمر أغا، و قد تلقانا بأدب كثير، و رجا منّا أن نتغدّى عنده، و لكن ارتحالنا تابع بكليته للريح، و اعتقدنا أنّ توقفنا مخالف للصواب، فلم نقبل قط دعوته، و في الغد صارت الريح أكثر ملاءمة لنا فاندفعت بنا السفينة إلى بحر مرمرة الّذي يشتق القسطنطينية و يمتد فيتحد بالبحر الأسود، غير أنّ مجرى الريح من البحر الأسود نحونا كان دائما جد


[1] جمع البيضاء، و الجمع واجب هنا قال تعالى‌ «وَ مِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَ حُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها وَ غَرابِيبُ سُودٌ و قال- عزّ و جلّ-: عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ. (المترجم).

اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 214
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست