اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 213
الإصدار ذهبنا إلى دار القنصل البريطاني المستر «فيزي» فتلقانا بأدب وافر ورجا منّا أن نقيم عنده حتّى غد ذلك اليوم. و خرجنا بعد الغداء لزيارة «الحاج عثمان [1] أغا» مدير الكمرك و المكوس، و كانت داره منشأة في وسط بستان بهيج على مقربة من المدينة، فوصلنا إلى داره عند حلول تغدّيه، فاستقبلنا استقبالا لطيفا جدا، و مع أنّنا كنّا قد تغدينا ألزمنا أن نقبل هو كاسات [2] و شراب القهوة، و لما انصرفنا من عند الأغا طلب منّي وعدا بأن أجيئه ثانية نهار الغد. و قبل حلول الساعة المعينة أرسل أحد خدامه بفرس مسرّج سرج عسجدي فاخر، فركبته إلى حديقته، فاحتضنني الأغا بذراعيه و جلسنا و قدّم إلينا طعام نفيس [3]، و قد كنت حرمت زمنا جدّ طويل طبيخ المطبخ الشرقي بحيث سرّني هذا الطعام و مرآبي أعظم السرور و المرء. و بعد التغدي شربنا من «الشربت» و بقينا نتحادث حتّى منتصف اللّيل، و إذ كنت أفكر في تركي أزمير غد ذلك اليوم زوّدني الأغا كتاب توصية إلى سيد من أصدقائه مقيم في القسطنطينية، فشكرت ألطافه كثيرا و استأذنته في الانصراف، و حينئذ أمر بإعداد زورق و كلف أفرادا من موظفيه باستصحابي إلى مثواي.
واشتور القنصل و الرّبان ريشارد في وسائل نقلي إلى القسطنطينية، و بان لهما أنّي سأكابد كثيرا من الأذى إن سافرت برا، و على هذا يكون من الملائم أن أبحر في السفينة «أوروز» أيضا، إلّا أنّ الرّبان لم يكن قد استجاز أمير البحر في هذه السفرة، و إذ كانت السفينة محتاجة إلى صار و عدّة أدوات لا يمكن الحصول عليها إلّا في القسطنطينية اعتقد أنّه لا يستطيع أن يأخذ على نفسه مسؤولية الصيرورة إلى ميناء القسطنطينية.
و أزمير مدينة كبيرة و لها موضع جليل و يسكنها اليونانيون و المسلمون، و فيها كثير من التجار النصارى، و فيها تجتمع السفن من كل موانئ البحر
[1] في الترجمة الفرنسية «عصمان» بحسب النطق التركي الّذي هو ارتضاخ لكنة. (المترجم).
[2] لم أجد هذه الكلمة في المعجمات التركية و لعلّها محرفة و سيذكرها بصورة «هوكاه» في موضع آخر. (المترجم).
[3] عجبنا من وصف أبي طالب لعشاء هذا التركي بالنفاسة و لم يكن من مطبخ إنكليزي و لا من الألوان الإنكليزية. (المترجم).
اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني الجزء : 1 صفحة : 213