responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 203

و شكل المدينة هلالي و تحيط بها تحصينات جيدة، من جهة البرّ كما من جهة البحر، و تستطيع أن تقاوم أقوى الهجمات، و منازلها مزخرفة زخرفة فاخرة في الداخل، و لم تعجبني و لا راقتني الزينة الّتي زيّنت بها مثاوي الدور، و أنا أعترف مع ذلك أنّ جنوة في مجموعها أجمل مدينة عرفتها.

و للجنويّين مواهب جزيلة في الموسيقى، و عندهم من آلاتها جملة لم أرها في بلاد أخرى، و كنت ذات ليلة نائما فسمعت بغتة أعذب الألحان، فلم أتمالك أن قفزت من السرير و علوت إلى الباب المؤدّي إلى الشارع، فوجدته مقفلا و قد أخذ مفتاحه فعدت إلى غرفتي، و في أثناء طربي كدت من الشوق أتسرّح من الشبّاك إلى الشارع، و لكن النوبة الموسيقية انتهت لحسن الحظ. و كنت أسمع كثيرا في لندن أنّ الإيطاليّين موسيقيون بارعون، و تختلف موسيقى الهنود و موسيقى الفرس في الحقيقة عن موسيقاهم اختلاف صوت طاحونة عن صوت منسجم لآلة موسيقية محكمة.

إنّ قانون جنوة الخاصّ بالمومسات عديم المثال جدا، فهؤلاء النّساء لا يظهرن في الشوارع أبدا، لا ليلا و لا نهارا و لكن خدما لهنّ عليهم ملابس فاخرة، يصطفون في مفترق الطرقات يدعون الرّجال إليهن لمسافحتهن في مساكنهنّ.

تعدد الزوج في جنوة

و في هذه البلاد عادة رأيتها أغرب ممّا ذكرت، هي أنّ المرأة الظريفة ينبغي لها زوجان تقسم بينهما وقتها و حبّها [1]، فأحدهما يقوم بالاتفاق عليها، و يأتي بما تحتاج إليه الدار من أزواد و عتاد، و له حق التميّز بأن ينام معها، و أن يدعى أبا لجميع أطفالها، و الآخر يظل معها نهارا، و يصحبها الزوج الأوّل عند الخروج من الدار و يطيع أمرها إطاعة عمياء و يخضع لأهوائها. فإذا جاء الزوج الثاني، بالاتفاق‌ [2] و طرق الباب و كان الزوج‌


[1] لا نحسب ذلك جائزا في قوانينهم إذ ذاك و إنّما هو نوع من المخادنة تغلب عليه صفة الزواج ظاهرا. (المترجم).

[2] أي كما يسمّى اليوم «الصدفة» لا كما يدلّ عليه ظاهر اللفظ لأنّ المراد اتفاق الفعل مع القدر.

(المترجم).

اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 203
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست