responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 202

أبو طالب في جنوة

و ما كادت السفينة ترسو بنا حتّى جاء إليها طبيب في قارب ليفحص عن حالنا، فالطاعون يعبث و يفني في هذه البلاد غالبا، فلذلك هم يمنعون كل أحد من الأبرار بغير إجازة من الطبيب الّذي يجب أن يتحقق صحة المبرّ قبل نزوله، فإذا أحس بأنّ أحد ركاب السفينة مات في أثناء السفرة البحرية أو بان في السفينة مرضى ألزم السفينة أن ترسو أربعين يوما في موضع خاص. و من يرد أن ينزل من الركاب أو نوتية السفينة فإنّهم يربثون‌ [1] مدّة الأيّام المذكورة في نوع من المارستانات اسمه «لازاريت» و إن يحاول أحد منهم الهرب يرمه الحراس برصاص البنادق كما يرمى الكلب المسعور.

و الطبيب الّذي زارنا للفحص كان نحيفا أصفر الوجه كأنّه أبلّ من مرض أصابه مع أنّنا كلنا كنّا ضخاما و سمانا، و بعد أن لاحظنا و لاحظ نفسه استحيا من الموازنة بيننا و بينه، فأجاز لنا النزول من غير أن يفحص عن شهاداتنا و وثائقنا المحررة.

و قد صحبت المستر «سكولبريد» و المستر «جالي» رفيقي في السفر، في الذهاب إلى فندن «ليون روج‌ [2]» ثمّ ذهبنا نقضي ما يجب علينا للقنصل الأمريكي المستر «ويلسون» و قدمت إليه كتاب توصية من المسيو ساماديت، فاستقبلني أحسن استقبال و دعانا إلى التغدّي في داره فتغدينا ثلاثتنا، بالثلاثة الأيّام الّتي قضيناها في هذا الموضع.

و جنوة مدينة فخمة قائمة في بلاد فاتنة المناظر، تحادّ الخليج و هو مستدير، و لو لم أشاهد خليج كورك و رأيت هذا لعددته أجمل خلجان أوروبا، و المباني العامّة و القسم الأعظم من المنازل المبنية بالحجارة المهندمة شامخة جدا بالعمد المربّعة، و الأروقة المجنّحة و غير ذلك، و قليل من الشوارع عريضة و جدّ منظمة، و لكن الشوارع الأخرى ضيقة لا تنفذ فيها أشعة الشّمس البتّة، غير أنّ المدينة مقامة على منحدر فلا يرى الناظر فيها طينا و لا قاذورات.


[1] نقل الجواب من الأفراد إلى الجمع هو من أساليب القرآن الكريم لأنّ «من» الشرطية مبهمة في قدمها فكانت للمفرد و غيره و يربثون أي يحبسون و يمنعون من الخروج. (المترجم).

[2] أي الأسد الأحمر. (المترجم).

اسم الکتاب : رحلة أبي طالب خان إلى العراق و أوروبة المؤلف : أبو طالب بن محمد الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 202
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست